التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

قوله تعالى : { وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم }

قال الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد ابن العوام ، حدثنا سفيان بن حسين ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، ثم أتبعه عليا . فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء ، فخرج أبو بكر فزعا فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو علي ، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليا أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا ، فقام علي أيام التشريق ، فنادى : ذمة الله ورسوله بريئة من كل مشرك ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وكان علي ينادي ، فإذا عيى قام أبو بكر فنادى بها .

قال أبو عيسى : وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس . ( السنن 5/274 – 276 ح 3089 ، 3091 – ك التفسير ، ب سورة التوبة ) ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي . وأخرجه بنحوه النسائي ( 5/247 – ك الحج ، ب الخطبة قبل يوم التروية ) ، والدارمي ( 2/66 – 67 – ك المناسك ، ب في خطبة الموسم ) من طرق عن جابر به ، وله شاهد صحيح من حديث علي أخرجه الضياء من طريق زيد بن يثيع عن علي نحوه ( المختاره 2/84 ح 461 ) . وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ( المستدرك 3/51 ، 52 ) .

قال البخاري : حدثنا سعيد بن غفير قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب وأخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان . قال حميد بن عبد الرحمن : ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب وأمره أن يؤذن ببراءة . قال أبو هريرة : فأذن معنا علي يوم النحر في أهل منى ببراءة ، وألا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

( الصحيح 8/168 ح 4655 – ك التفسير – سورة التوبة ، ب الآية ) .

اخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } قال : حد الله للذين عاهدوا رسوله أربعة أشهر ، يسيحون فيها حيثما شاؤوا ، وحد أجل من ليس له عهد ، انسلاخ الأشهر الحرم من يوم النحر إلى انسلاخ المحرم ، فذلك خمسون ليلة . فإذا انسلخ الأشهر الحرم ، أمره بأن يضع السيف فيمن عاهد .

قال ابن ماجة : حدثنا هشام بن عمار ، ثنا صدقة بن خالد ، ثنا هشام ابن الغاز قال : سمعت نافعا يحدث عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أي يوم هذا ؟ ) . قالوا : يوم النحر . قال : ( فأي بلد هذا ؟ ) . قالوا : هذا بلد الله الحرام . قال : ( فأي شهر هذا ؟ ) . قالوا : شهر الله الحرام . قال : ( هذا يوم الحج الأكبر . ودماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة هذا البلد ، في هذا الشهر ، في هذا اليوم ) . ثم قال : ( هل بلغت ؟ ) . قالوا : نعم . فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( اللهم اشهد ) . ثم ودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع .

( السنن 2/1016 ح 3058 – المناسك ، ب الخطبة يوم النحر ) . علقه البخاري بصيغة الجزم مختصرا ، وأخرجه أبو داود من طريق هشام بن الغاز به مختصرا ( الصحيح 3/574 فتح – الحج ، ب الخطبة أيام منى ) ، ( السنن 2/195 – المناسك – باب يوم الحج الأكبر ) . وقال الألباني : صحيح ( صحيح ابن ماجه 2/182 ) . ذكره ابن كثير ( 4/52 ) . وأخرجه الحاكم في ( المستدرك 2/331 ) من طريق الوليد بن مسلم ، عن هشام بن الغاز به ، قال : حديث صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بأسانيد يقوي بعضها بعضا عن عبد الله بن أبي أوفي وابن عباس وعلي بن أبي طالب وابن عمر ومجاهد وعكرمة والنخعي والشعبي أن الحج الأكبر هو : يوم النحر .