معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

قوله تعالى : { وأذان } عطف على قوله براءة أي إعلام ، ومنه الأذان بالصلاة ، يقال : آذنته فأذن ، أي : أعلمته فعلم ، وأصله من الأذان ، أي : أوقعته في أذنه .

قوله تعالى : { من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر } . اختلفوا في يوم الحج الأكبر ، روى عكرمة عن ابن عباس أنه يوم عرفة ، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وابن الزبير ، وهو قول عطاء و طاوس و مجاهد و سعيد بن المسيب ، وقال جماعة : هو يوم النحر ، روي عن يحيى بن الجزار قال : خرج علي رضي الله عنه يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة ، فجاءه رجل ، وأخذ بلجام دابته ، وسأله عن يوم الحج الأكبر فقال : يومك هذا خل سبيلها . ويروى ذلك عن عبد الله بن أبي أوفى ، والمغيرة بن شعبة ، وهو قول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والسدي . وروى ابن جريج عن مجاهد : يوم الحج الأكبر حين الحج أيام منى كلها ، وكان سفيان الثوري يقول : يوم الحج الأكبر أيام منى كلها ، مثل : يوم صفين ويوم الجمل ويوم بعاث ، يراد به : الحين والزمان ، لأن هذه الحروب دامت أياما كثيرة ، وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل : يوم الحج الأكبر اليوم الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قول ابن سيرين ، لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود والنصارى ، والمشركين ، ولم يجتمع قبله ولا بعده . واختلفوا في الحج الأكبر ، فقال مجاهد : الحج الأكبر القران ، والحج الأصغر إفراد الحج ، وقال الزهري والشعبي وعطاء : الحج الأكبر : الحج ، والحج الأصغر : العمرة ، قيل لها الأصغر لنقصان أعمالها .

قوله تعالى : { أن الله بريء من المشركين ورسوله } . أي ورسوله أيضا برئ من المشركين ، وقرأ يعقوب : بنصب اللام أي ، أن الله ورسوله بريء .

قوله تعالى : { فإن تبتم } : رجعتم من كفركم وأخلصتم التوحيد .

قوله تعالى : { فهو خير لكم وإن توليتم } . أعرضتم عن الإيمان .

قوله تعالى : { فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم* إلا الذين عاهدتم من المشركين } .