تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

{ وأذان من الله ورسوله } أي : وإعلام من الله ورسوله { إلى الناس يوم الحج الأكبر } وهو يوم النحر { أن الله بريء من المشركين ورسوله } إن لم يؤمنوا .

تفسير مجاهد : أقبل رسول الله من تبوك حين فرغ منها ؛ فأراد أن يحج . ثم قال : إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة ، ولا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك . فأرسل أبا بكر وعليا فطافا في الناس بذي المجاز ، وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون فيها ، وبالموسم كله ، فآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة [ أشهر ] من يوم النحر إلى عشر ليال يمضين من شهر ربيع الآخر ، ثم لا عهد .

وقال قتادة : إن أبا بكر أمر على الحاج يومئذ ، ونادى علي فيه بالأذان ، وكان عاما حج فيه المسلمون والمشركون .

وقال الحسن : كان النبي قد أمر أبا بكر أن يؤذن الناس بالبراءة ، فلما مضى دعاه ، فقال : " إنه لا يبلغ عني في هذا الأمر إلا من هو من أهل بيتي " {[410]} .

قال محمد : قال بعض العلماء : إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بذلك دون أبي بكر ؛ لأن العرب كانت جرت عادتهم في عقد عهودها لو نقضتها أن يتولى ذلك على القبيلة رجل منها ، فكان جائزا أن تقول العرب : [ إذن عليك ] نقض العهود من الرسول ، هذا خلاف ما نعرف فينا في نقض العهود ؛ فأزاح صلى الله عليه وسلم العلة ، وكان هذا في سنة تسع من الهجرة ، بعد افتتاح مكة بسنة .

قال محمد : قوله : { براءة } يجوز الرفع فيها على وجهين :

أحدهما : على خبر الابتداء ، على معنى هذه الآيات { براءة من الله ورسوله } .

وعلى الابتداء ، ويكون الخبر { إلا الذين عاهدتم } .

قوله : { فإن تبتم } يقول للمشركين : فإن تبتم من الشرك { فهو خير لكم وإن توليتم } عن الله ورسوله .

{ فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } يعني : القتل قبل عذاب الآخرة .


[410]:انظر الدر المنثور للسيوطي (3/226 – 228).