جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَأَذَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيٓءٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (3)

{ وأذن } : أي إعلام ، عطف على براءة { من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر } : يوم أفضل أيام المناسك وأكبرها جميعا{[1911]} وهو يوم العيد أو يوم عرفة أو أيام الحج كلها ، وعن الحسن البصري رحمه الله : عام ، حج فيه أبو بكر{[1912]} – رضي الله عنه – بالاستخلاف ، وعن بعضهم : الذي حج النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود والنصارى والمشركين ولم يجتمع قبله ولا بعده وقال بعضهم الحج الأصغر العمرة ، { أن الله } أي : بأنه { بريء من المشركين } أي : من عهودهم ، { ورسوله } عطف على المستكن في بريء ، أو مبتدأ محذوف الخبر ، أي : ورسوله كذلك وعند ابن حاجب{[1913]} جاز في مثله أن يكون عطفا على محل اسم " أن " ، { فإن تبتم } : من الكفر والغدر ، { فهو } ، أي : الرجوع ، { خير لكم وإن توليتم } : من التوبة ، { فاعلموا أنكم غير معجزي الله } : غير فائتين أخذه وعقابه ، { وبشر الذين كفروا بعذاب أليم } ، في الآخرة .


[1911]:وإذا كان يوم العيد فأكبريته باعتبار أن ما يفعل فيه معظم أفعال الحج من الطواف والسعي والحلق والرمي والذبح، وإذا كان المراد يوم عرفة فلأنه يحصل في هذا اليوم أعظم واجباته، لأنه إذا فات فات الحج والحج عرفة/ 12 منه.
[1912]:عن ابن عباس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بعث أبا بكر وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه عليا وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا وحجا فقام علي في أيام التشريق فنادى: إن الله بريء من المشركين ورسوله فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، فكان علي ينادي فإذا أعيى قام أبو بكر ينادي بها. أخرجه الترمذي وحسنه الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس [وهو صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي (2468)]، وفي الباب أحاديث في الصحيحين وغيرهما/12 فتح.
[1913]:فإنه قال: أن المفتوحة قسمان قسم هو في حكم المكسورة نحو علمت أن زيدا قائم وعمرو، فإن "علم" لا يدخل إلا على المبتدأ والخبر فلابد أن نقول "أن" في حكم إن المكسورة فجاز فيها العطف على اسمها بالرفع، وقسم ليس في حكمها نحو: أعجبني أن زيدا قائم وعمرا، فلا يجوز إلا النصب في"عمرا"/12 منه.