المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

6- ليُدخل الله المؤمنين والمؤمنات بالله ورسوله جنات تجرى من تحتها الأنهار ، دائمين فيها ، يمحو عنهم سيئاتهم ، وكان ذلك الجزاء عند الله فوزاً بالغاً غاية العِظم . وليعذب المنافقين والمنافقات ، والمشركين مع الله غيره والمشركات ، الظانين بالله ظنا فاسدا . وهو أنه لا ينصر رسوله ، عليهم - وحدهم - دائرة السوء ، لا يفلتون منها ، وغضب الله عليهم وطردهم من رحمته وَهَيَّأ لعذابهم جهنم وساءت نهاية لهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

قوله تعالى : { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } يريد أهل النفاق بالمدينة وأهل الشرك بمكة ، { الظانين بالله ظن السوء } أن لن ينصر محمداً والمؤمنين ، { عليهم دائرة السوء } العذاب والهلاك . { وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

وأما المنافقون والمنافقات ، والمشركون والمشركات ، فإن الله يعذبهم بذلك ، ويريهم ما يسوءهم ؛ حيث كان مقصودهم خذلان المؤمنين ، وظنوا بالله الظن السوء ، أنه لا ينصر دينه ، ولا يعلي كلمته ، وأن أهل الباطل ، ستكون لهم الدائرة على أهل الحق ، فأدار الله عليهم ظنهم ، وكانت دائرة السوء عليهم في الدنيا ، { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } بما اقترفوه من المحادة لله ولرسوله ، { وَلَعَنَهُمْ } أي : أبعدهم وأقصاهم عن رحمته { وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

ثم أنبأهم بجانب آخر من جوانب حكمته فيما قدر في هذا الحادث ؛ وهو مجازاة المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ، بما يصدر عنهم من عمل وتصرف :

( ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ، الظانين بالله ظن السوء ، عليهم دائرة السوء . وغضب الله عليهم ولعنهم ، وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا . ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما ) . .

وقد جمع النص بين المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات في صفة ظن السوء بالله ؛ وعدم الثقة بنصرته للمؤمنين . وفي أنهم جميعا ( عليهم دائرة السوء )فهم محصورون فيها ، وهي تدور عليهم وتقع بهم . وفي غضب الله عليهم ولعنته لهم ، وفيما أعده لهم من سوء المصير . . ذلك أن النفاق صفة مرذولة لا تقل عن الشرك سوءا ، بل إنها أحط ؛ ولأن أذى المنافقين والمنافقات للجماعة المسلمة لا يقل عن أذى المشركين والمشركات ، وإن اختلف هذا الأذى وذاك في مظهره ونوعه .

وقد جعل الله صفة المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات هي ظن السوء بالله . فالقلب المؤمن حسن الظن بربه ، يتوقع منه الخير دائما . يتوقع منه الخير في السراء والضراء . ويؤمن بأن الله يريد به الخير في الحالين . وسر ذلك أن قلبه موصول بالله . وفيض الخير من الله لا ينقطع أبدا . فمتى اتصل القلب به لمس هذه الحقيقة الأصيلة ، وأحسها إحساس مباشرة وتذوق . فأما المنافقون والمشركون فهم مقطوعو الصلة بالله . ومن ثم لا يحسون تلك الحقيقة ولا يجدونها ، فيسوء ظنهم بالله ؛ وتتعلق قلوبهم بظواهر الأمور ، ويبنون عليها أحكامهم . ويتوقعون الشر والسوء لأنفسهم وللمؤمنين ، كلما كانت ظواهر الأمور توحي بهذا ؛ على غير ثقة بقدر الله وقدرته ، وتدبيره الخفي اللطيف .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَيُعَذّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظّآنّينَ بِاللّهِ ظَنّ السّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السّوْءِ وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدّ لَهُمْ جَهَنّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً * وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ، وليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ، وليعذّب المنافقين والمنافقات ، بفتح الله لك يا محمد ، ما فتح لك من نصرك على مشركي قريش ، فيكبتوا لذلك ويحزنوا ، ويخيب رجاؤهم الذي كانوا يرجون من رؤيتهم في أهل الإيمان بك من الضعف والوهن والتولي عنك في عاجل الدنيا ، وصليّ النار والخلود فيها في آجل الاَخرة وَالمُشْرِكِينَ وَالمُشْرِكاتِ يقول : وليعذّب كذلك أيضا المشركين والمشركات الظّانّينَ باللّهِ أنه لن ينصرك ، وأهل الإيمان بك على أعدائك ، ولن يظهر كلمته فيجعلها العليا على كلمة الكافرين به ، وذلك كان السوء من ظنونهم التي ذكرها الله في هذا الموضع ، يقول تعالى ذكره : على المنافقين والمنافقات ، والمشركين والمشركات الذين ظنوا هذا الظنّ دائرة السوء ، يعني دائرة العذاب تدور عليهم به .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء الكوفة دائِرَةُ السّوْءِ بفتح السين . وقرأ بعض قرّاء البصرة «دائِرَةُ السّوءِ » بضم السين . وكان الفرّاء يقول : الفتح أفشى في السين قال : وقلما تقول العرب دائرة السّوء بضم السين ، والفتح في السين أعجب إليّ من الضم ، لأن العرب تقول : هو رجل سَوْء ، بفتح السين ولا تقول : هو رجل سُوء .

وقوله : وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهمْ يقول : ونالهم الله بغضب منه ، ولعنهم : يقول : وأبعدهم فأقصاهم من رحمته وأعَدّ لَهُمْ جَهَنّمَ يقول : وأعدّ لهم جهنم يصلونها يوم القيامة وَساءَتْ مَصِيرا يقول : وساءت جهنم منزلاً يصير إليه هؤلاء المنافقون والمنافقات ، والمشركون والمشركات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيُعَذِّبَ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} (6)

وقوله : { الظانين بالله ظن السوء } قيل معناه من قولهم : { لن ينقلب الرسول }الآية{[10404]} [ الفتح : 12 ] ، فكأنهم ظنوا بالله ظن السوء في جهة الرسول والمؤمنين ، وقيل : ظنوا بالله ظن سوء ، إذ هم يعتقدونه بغير صفاته ، فهي ظنون سوء من حيث هي كاذبة مؤدية إلى عذابهم في نار جهنم .

وقوله تعالى : { عليهم دائرة السوء } كأنه يقوي التأويل الآخر ، أي أصابهم ما أرادوه بكم ، وقرأ جمهور القراء : «دائرة السَوء » كالأول ، ورجحها الفراء ، وقال : قل ما تضم العرب السين . قال أبو علي : هما متقاربان ، والفتح أشد مطابقة في اللفظ . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : «ظن السَوء » بفتح السين . و : «دائرة السُوء » بضم السين ، وهو اسم ، أي «دائرة السُوء » الذي أرادوه بكم في ظنهم السوء . وقرأ الحسن : بضم السين في الموضعين ، وروى ذلك عن أبي عمرو ومجاهد ، وسمى المصيبة التي دعا بها عليهم : { دائرة } ، من حيث يقال في الزمان إنه يستدير ، ألا ترى أن السنة والشهر كأنها مستديرات ، تذهب على ترتيب ، وتجيء من حيث هي تقديرات للحركة العظمى ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض }{[10405]} فيقال للأقدار والحوادث التي هي في طي الزمان دائرة ، لأنها تدور بدوران الزمان ، كأنك تقول : إن أمراً كذا يكون في يوم كذا من سنة كذا ، فمن حيث يدور ذلك اليوم حتى يبرز إلى الوجود تدور هي أيضاً فيه ، وقد قالوا : أربعاء لا تدور ، ومن هذا قول الشاعر : [ الرجز ]

*ودائرات الدهر قد تدورا*{[10406]}

ومنه قول الآخر : [ الطويل ]

ويعلم أن النائبات تدور . . . {[10407]}

وهذا كثير ويحسن أن تسمى المصيبة دائرة من حيث كمالها أن تحيط بصاحبها كما يحيط شكل الدائرة على السواء من النقطة ، وقد أشار النقاش إلى هذا المعنى { وغضب الله } تعالى متى قصد به الإرادة فهو صفة ذات ، ومتى قصد به ما يظهر من الأفعال على المغضوب عليه فهي صفة فعل . { ولعنهم } معناه : أبعدهم من رحمته .


[10404]:من قوله تعالى في الآية(12) من هذه السورة:{بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا}.
[10405]:أخرجه البخاري في تفسير سورة التوبة، وفي بدء الخلق والمغازي والأضاحي والتوحيد، وأخرجه مسلم في القسامة، وأبو داود في المناسك، والإمام أحمد في مسنده(5-37، 73)، ولفظه كما في مسند أحمد عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال:(ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، ثم قال: ألا أيُّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى، ثم قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا انه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، ثم قال: أي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليست البلدة؟ قلنا: بلى،قال: فإن دماؤكم وأموالكم-قال: وأحسبه قال وأعراضكم-عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا هل بلغت؟ ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه) قال محمد: وقد كان ذاك، قال: قد كان بعض من بُلِّغه أوعى من بعض سامعيه.
[10406]:هذا البيت من الرجز، وقبله يقول الراجز: ترد عنك القدر المقدورا والدائرات: جمع دائرة، وهي ما أحاط بالشيء من كل ناحية، ودائرات الدهر هي حوادثه التي خفيها الزمان، تدور بدوران الزمان، فمرة تصيب هذا، ومرة تصيب ذاك، ولم أقف على اسم القائل.
[10407]:النائبات: جمع نائبة، وهي المصيبة التي تصيب الإنسان، أو الكارثة التي تنزل به، ومعنى هذا الشطر من الشعر أن مصائب الدهر تدور على الناس ولا تترك أحدا، فهي مرة تصيب واحدا ومرة ثانية تصيب غيره، وهكذا. ولم أقف على بقية البيت ولا قائله.