قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } .
أي : فكيف الحال ، وكيف يصنعون ، إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، يعني : بنبيها يشهد عليهم بما عملوا .
قوله تعالى : { وجئنا بك } . ، يا محمد .
قوله تعالى : { على هؤلاء شهيداً } . شاهداً يشهد على جميع الأمة ، على من رآه وعلى من لم يره .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا محمد بن يوسف ، أنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقرأ علي " ، قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : نعم ، فقرأت سورة النساء ، حتى إذا أتيت هذه الآية { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } قال حسبك الآن ، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان .
ثم قال تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } أي : كيف تكون تلك الأحوال ، وكيف يكون ذلك الحكم العظيم ، الذي جمع أن من حكم به كاملُ العلم ، كاملُ العدل ، كامل الحكمة ، بشهادة أزكى الخلق وهم الرسل على أممهم مع إقرار المحكوم عليه ؟ " فهذا -والله- الحكم الذي هو أعم الأحكام وأعدلها وأعظمها .
{ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىَ هََؤُلآءِ شَهِيداً } . .
يعني بذلك جلّ ثناؤه : إن الله لا يظلم عباده مثقال ذرّة ، فكيف بهم { إذا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بَشِهيدٍ } يعني : بمن يشهد عليها بأعمالها ، وتصديقها رسلها ، أو تكذيبها ، { وجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } يقول : وَجِئْنَا بك يا محمد على هؤلاء : أي على أمتك شهيدا ، يقول : شاهدا . كما :
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدّي : { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } قال : إن النبيين يأتون يوم القيامة ، منهم من أسلم معه من قومه الواحد والاثنان والعشرة وأقلّ وأكثر من ذلك ، حتى يؤتى بقوم لوط صلى الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا ابنتاه ، فيقال لهم : هل بلغتم ما أرسلتم به ؟ فيقولون : نعم ، فيقال : من يشهد ؟ فيقولون : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقال لهم : أتشهدون أن الرسل أوْدَعوا عندكم شهادة ، فبم تشهدون ؟ فيقولون : ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا بالتبليغ ! فيقال : من يشهد على ذلك ؟ فيقولون : محمد صلى الله عليه وسلم . فيدعى محمد عليه الصلاة والسلام ، فيشهد أن أمته قد صدقوا ، وأن الرسل قد بلّغوا . فذلك قوله : { وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمّةً وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ على النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا } .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : قوله : { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ } قال : رسولها ، فيشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم¹ { وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسن ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، في قوله : { وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } قال : الشاهد محمد ، والمشهود : يوم الجمعة . فذلك قوله : { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } .
حدثني عبد الله بن محمد الزهري ، قال : حدثنا سفيان ، عن المسعودي ، عن جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه ، عن عبد الله : { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «شَهِيدا عَلَيْهِمْ ما دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ على كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن المسعودي ، عن القاسم : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود : «اقْرأْ عَليّ ! » قال : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : «أنّي أُحِبّ أنْ أسَمعه مِنْ غيرِي » . قال : فقرأ ابن مسعود النساء ، حتى بلغ : { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاءِ شَهِيدا } قال : قال استعبر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكفّ ابن مسعود . قال المسعودي : فحدثني جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : «شَهِيدا عَلَيْهِمْ ما دُمْتُ فِيهِمْ ، فإذَا تَوَفّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ على كُلْ شَيْءٍ شَهِيدٌ » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.