ثم أرسل إليه الرسل ، وأنزل عليه الكتب ، وهداه الطريق الموصلة إلى الله ، ورغبه{[1304]} فيها ، وأخبره بما له عند الوصول إلى الله .
ثم أخبره بالطريق الموصلة إلى الهلاك ، ورهبه منها ، وأخبره بما له إذا سلكها ، وابتلاه بذلك ، فانقسم الناس إلى شاكر لنعمة الله عليه ، قائم بما حمله الله من حقوقه ، وإلى كفور لنعمة الله عليه ، أنعم الله عليه بالنعم الدينية والدنيوية ، فردها ، وكفر بربه ، وسلك الطريق الموصلة إلى الهلاك .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّا هَدَيْنَاهُ السّبِيلَ إِمّا شَاكِراً وَإِمّا كَفُوراً * إِنّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً } .
يعني جلّ ثناؤه بقوله : إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ إنا بينا له طريق الجنة ، وعرّفناه سبيله ، إن شكر ، أو كفر . وإذا وُجّه الكلام إلى هذا المعنى ، كانت إما وإما في معنى الجزاء . وقد يجوز أن تكون إما وإما بمعنى واحد ، كما قال : إمّا يُعَذّبُهُمْ وَإمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ فيكون قوله : إما شاكِرا وَإمّا كَفُورا حالاً من الهاء التي في هديناه فيكون معنى الكلام إذا وُجه ذلك إلى هذا التأويل : إنا هديناه السبيل ، إما شقيا وإما سعيدا . وكان بعض نحويي البصرة يقول ذلك كما قال : «إما العذاب وإما الساعة » كأنك لم تذكر إما قال : وإن شئت ابتدأت ما بعدها فرفعته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ قال : الشقوة والسّعادة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ إمّا شاكِرا للنعم وإمّا كَفُورا . لها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ . . . إلى إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ قال : ننظر أيّ شيء يصنع ، أيّ الطريقين يسلك ، وأيّ الأمرين يأخذ ، قال : وهذا الاختبار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.