ثم ذكر سبحانه أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء فقال : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } أي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر بأدلة السمع والعقل ، كما في قوله { وهديناه النجدين } قال مجاهد : أي بينا السبيل إلى الشقاوة وإلى السعادة ، وقال الضحاك والسدي وأبو صالح : السبيل هنا خروجه من الرحم ، وقيل منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله ، وانتصاب شاكرا وكفورا على الحال من مفعول هديناه أي مكناه من سلوك الطريق في حالتيه جميعا ، وقيل على الحال من السبيل على المجاز أي عرفناه السبيل إما سبيلا شاكرا وإما سبيلا كفورا ( {[1669]} ) .
وحكى مكي عن الكوفيين إن قوله إما هي إن الشرطية زيدت بعدها ما أي بينا له الطريق إن شكر وإن كفر ، واختار هذا الفراء لا يجيزه البصريون لأن ( إن ) الشرطية لا تدخل على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل ، ولا يصح هنا إضمار الفعل لأنه كان يلزم رفع شاكرا وكفورا ، ويمكن أن يضمر فعل ينصب شاكرا وكفورا وتقديره إن خلقناه شاكرا فشكورا ؛ وإن خلقناه كافرا فكفورا ، وهذا على قراءة الجمهور { إمّا } بكسر الهمزة وقرأ أبو السماك وأبو العجاج بفتحها وعلى الفتح هي { أمّا } العاطفة في لغة بعض العرب أو هي التفصيلية وجوابها مقدرة وقيل انتصب شاكرا وكفورا بإضمار كان والتقدير سواء كان شاكرا أو كان كفورا .
ولما كان الشكر قل من يتصف به قال شاكرا ، ولما كان الكفر كثيرا من يتصف به ويكثر وقوعه عن الإنسان بخلاف الشكر قال كفورا بصيغة المبالغة ، كذا في النهر أو هو مراعاة لرؤوس الآي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.