إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا} (3)

{ إِنَّا هديناه السبيل } بإنزالِ الآياتِ ونصبِ الدلائل { إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } حالانِ من مفعولِ هدينَا أي مكّناهُ وأقدرناهُ على سلوكِ الطريقِ الموصلِ إلى البُغيةِ في حالتيهِ جميعاً ، وإمَّا للتفصيلِ أو التقسيمِ ، أيْ هديناهُ إلى ما يوصلُ إليها في حاليهِ جميعاً أو مقسوماً إليهما بعضُهم شاكرٌ بالاهتداءِ والأخذِ فيهِ وبعضُهم كفورٌ بالإعراضِ عنْهُ وقيلَ : من السبيلِ أي عرفناهُ السبيلَ إما سبيلاً شاكراً أو كفوراً على وصفِ السبيلِ بوصفِ سالكِه مجازاً . وقُرِئَ أَمَّا بالفتحِ على حذفِ الجوابِ ، أي أمَّا شاكراً فبتوفيقِنا ، وأَمَّا كفوراً فبسوءِ اختيارِه لا بمجردِ إجبارِنا من غيرِ اختيارٍ منْ قِبَلِه ، وإيرادُ الكفورِ لمراعاة الفواصلِ والإشعارِ بأنَّ الإنسانَ قلَّما يخلُو من كفرانٍ مَا وإنَّما المؤاخذُ عليه الكفرُ المفرطُ .