غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا} (3)

1

ثم أخبر أنه بعد أن ركبه وأعطاه الحواس الظاهرة والباطنة أوضح له بواسطة أن آتاه العقل السليم سبيل الهدى والضلالة . فقوله { شاكر أو كفوراً } حالان من مفعول { هدينا } أي مكناه وأقدرناه في هاتين الحالتين وقيل : تقديره هديناه السبيل فيكون إما شاكراً أو كفوراً . وفيه جهة الوعيد أي فإن شاء فليكفر وإن شاء فليشكر فإنا أعتدنا للكافرين كذا وللشاكرين كذا . وجوز أهل العربية أن يكونا حالين من السبيل على الإسناد المجازي لأن وصف السبيل بالشكر والكفر مجاز ، وهذه الأقاويل تناسب أصول المعتزلة . أما الذي اختاره الفراء وهو مطابق لمذهب أهل السنة أن تكون " إما " في هذه الآية كما في قوله { وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم } [ التوبة :106 ] والمعنى هديناه السبيل ثم جعلناه تارة شاكراً تارة كفوراً . والمراد بالشكر لإقرار بالله وبالكفر إنكاره حتى لا يكون بين الفريقين واسطة . ويجز أن يريد بالشاكر المطيع وبأهل الكفر كل من سواه كان كفرانه مطلقاً وهو الكافر بالله ، أو ببعض المعاصي وهو الفاسق .

/خ31