المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

61- وإن مآل الأعداء عن جانب الحرب إلى جانب السلم ، فاجنح لها - أيها الرسول - فليست الحرب غرضاً مقصودا لذاته عندك إنما أنت قاصد بها الدفاع لعدوانهم ، وتحديهم لدعوتك . فاقبل السلم منهم ، وتوكل على اللَّه ، ولا تخف كيدهم ومكرهم إنه سبحانه هو السميع لما يتشاورون به ، العليم بما يدبرون ويأتمرون ، فلا يخفي عليه شيء{[78]} .


[78]:مبدأ عظيم من مبادئ الإسلام دين السلام ونحن الآن نسمع كل دول العالم تنادي بالسلام ولذا أنشأت هيئة الأمم المتحدة.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

قوله تعالى : { وإن جنحوا للسلم } ، أي : مالوا إلى الصلح .

قوله تعالى : { فاجنح لها } ، أي : مل إليها وصالحهم ، روي عن قتادة والحسن : أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم }

قوله تعالى : { وتوكل على الله } ثق بالله .

قوله تعالى : { إنه هو السميع العليم } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

{ 61 - 64 ْ } { وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ْ }

يقول تعالى : { وَإِنْ جَنَحُوا ْ } أي : الكفار المحاربون ، أي : مالوا { لِلسَّلْمِ ْ } أي : الصلح وترك القتال .

{ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ْ } أي : أجبهم إلى ما طلبوا متوكلا على ربك ، فإن في ذلك فوائد كثيرة .

منها : أن طلب العافية مطلوب كل وقت ، فإذا كانوا هم المبتدئين في ذلك ، كان أولى لإجابتهم .

ومنها : أن في ذلك إجماما لقواكم ، واستعدادا منكم لقتالهم في وقت آخر ، إن احتيج لذلك .

ومنها : أنكم إذا أصلحتم وأمن بعضكم بعضا ، وتمكن كل من معرفة ما عليه الآخر ، فإن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، . فكل من له عقل وبصيرة إذا كان معه إنصاف فلا بد أن يؤثره على غيره من الأديان ، لحسنه في أوامره ونواهيه ، وحسنه في معاملته للخلق والعدل فيهم ، وأنه لا جور فيه ولا ظلم بوجه ، فحينئذ يكثر الراغبون فيه والمتبعون له ، . فصار هذا السلم عونا للمسلمين على الكافرين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن جَنَحُواْ لِلسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإما تخافنّ من قوم خيانة وغدرا ، فانبذ إليهم على سواء وآذنهم بالحرب . وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فاجْنَحْ لَهَا وإن مالوا إلى مسالمتك ومتاركتك الحرب ، إما بالدخول في الإسلام ، وإما بإعطاء الجزية ، وإما بموادعة ، ونحو ذلك من أسباب السلم والصلح فاجْنَحْ لَهَا يقول : فمل إليها ، وابذل لهم ما مالوا إليه من ذلك وسألوكه . يقال منه : جنح الرجل إلى كذا يجنح إليه جنوحا ، وهي لتميم وقيس فيما ذكر عنها ، تقول : يجنُح بضم النون . وآخرون : يقولون : يَجْنِحُ بكسر النون ، وذلك إذا مال ، ومنه قول نابغة بني ذبيان :

جَوَانِحَ قَدْ أيْقَنّ أنّ قَبِيلَهُ ***إذَا ما الْتَقَى الجَمْعانِ أوّلُ غالِبِ

جوانح : موائل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ قال : للصلح . ونسخها قوله : فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ إلى الصلح فاجْنَحْ لَهَا قال : وكانت هذه قبل براءة ، كان نبيّ الله صلى الله عليه وسلم يوادع القوم إلى أجل ، فإما أن يسلموا وإما أن يقاتلوا ، ثم نسخ ذلك بعد في براءة فقال : فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وقال : قاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافّةً ونبذ إلى كلّ ذي عهد عهده ، وأمره بقتالهم حتى يقولوا لا إله إلا الله ويسلموا ، وأن لا يقبل منهم إلا ذلك ، وكل عهد كان في هذه السورة وفي غيرها ، وكلّ صلح يصالح به المسلمون المشركين يتوادعون به فإن براءة جاءت بنسخ ذلك ، فأمر بقتالهم على كل حال حتى يقولوا : لا إله إلا الله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسن ، عن يزيد ، عن عكرمة والحسن البصري ، قالا : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا نسختها الاَية التي في براءة قوله : قاتِلُوا الّذينَ لا يُؤْمِنُونَ باللّهِ وَلا باليَوْمِ الاَخِرِ . . . إلى قوله : وَهُمْ صَاغِرُونَ .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا يقول : وإن أرادوا الصلح فأرده .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا : أي إن دعوك إلى السلم إلى الإسلام ، فصالحهم عليه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا قال : فصالحهم . قال : وهذا قد نسخه الجهاد .

فأما ما قاله قتادة ومن قال مثل قوله من أن هذه الاَية منسوخة ، فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة ولا فطرة عقل . وقد دللنا في غير موضع من كتابنا هذا وغيره على أن الناسخ لا يكون إلا ما نفي حكم المنسوخ من كل وجه ، فأما ما كان بخلاف ذلك فغير كائن ناسخا . وقول الله في براءة : فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حيْثُ وَجَدْتْموهُمْ غير ناف حكمه حكم قوله : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا لأن قوله : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ إنّمَا عُني به بنو قريظة ، وكانوا يهودا أهل كتاب ، وقد أذن الله جلّ ثناؤه للمؤمنين بصلح أهل الكتاب ومتاركتهم الحرب على أخذ الجزية منهم . وأما قوله : فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حيْثُ وَجَدْتْموهُمْ فإنما عني به مشركو العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم ، فليس في إحدى الاَيتين نفي حكم الأخرى ، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَإنْ جَنَحُوا للسّلْمِ قال : قريظة .

وأما قوله : وَتَوَكّلْ على اللّهِ يقول : فوّض إلى الله يا محمد أمرك ، واستكفه واثقا به أنه يكفيك . كالذي :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : وَتَوَكّلْ على اللّهِ إن الله كافيك .

وقوله : إنّهُ هُوَ السّمِيِعُ العَلِيمُ يعني بذلك : إن الله الذي تتوكل عليه سميع لما تقول أنت ، ومن تسالمه وتتاركه الحرب من أعداء الله وأعدائك عند عقد السلم بينك وبينه ، ويشرط كل فريق منكم على صاحبه من الشروط ، والعليم بما يضمره كلّ فريق منكم للفريق الاَخر من الوفاء بما عاقده عليه ، ومن المضمِر ذلك منكم في قلبه والمنطوي على خلافه لصاحبه .