بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

قوله تعالى : { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ } ، يقول إن أرادوا الصلح ومالوا إليه ، { فاجنح لَهَا } ؛ يعني مل إليها يعني صالحهم . قرأ عاصم في رواية أبي بكر { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ } بالكسر ، وقرأ الباقون بالنصب لِلسَّلْم . { وَتَوَكَّلْ عَلَى الله } ، يقول : ثق بالله وإن نقضوا العهد والصلح ، فإني أنصرك ولا أخذلك . { إِنَّهُ هُوَ السميع العليم } ، يعني { السميع } بمقالتهم ، { العليم } بنقض العهد .

قال الفقيه : إنما يجوز الصلح إذا لم يكن للمسلمين قوة القتال ؛ فأما إذا كان للمسلمين قوة فلا ينبغي أن يصالحوهم ، وينبغي أن يقاتلوهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية إن لم يكونوا من العرب . وإنّما لم توضع الجزية على العرب وتوضع على غيرهم ، حتى لا تبقى بقية كفر في أنساب النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن العرب كلهم من نسبه ، ولا توضع حتى يسلموا أو يقتلوا . إنما أمر الله تعالى نبيه بالصلح ، حين كانت الغلبة للمشركين وكانت بالمسلمين قلة .