محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلۡمِ فَٱجۡنَحۡ لَهَا وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (61)

ثم بين تعالى جواز مصالحة الكفار بقوله :

61 { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم }

{ وإن جنحوا } أي مالوا وانقادوا { للسلم } بكسر السين وفتحها ، لغتان وقد قرئ بهما . أي الصلح والاستسلام ، بوقوع الرهبة في قلوبهم ، بمشاهدة ما بكم من الاستعداد ، وإعتاد العتاد ، { فاجنح لها } أي فمل إلى موافقتهم وصالحهم وعاهدهم ، وإن قدرت على محاربتهم ، لأن الموافقة أدعى لهم إلى الإيمان .

ولهذا لما طلب المشركون عام الحديبية الصلح ، ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين ، أجابهم إلى ذلك ، مع ما اشترطوا من الشروط الأخر . و ( السلم ) يذكر ويؤنث – كما في ( القاموس ) - .

قال الزمخشري : ( السلم ) تؤنث تأنيث نقيضها ، وهي الحرب قال العباس بن مرداس :

السَّلْمُ تَأْخُذُ مِنْهَا مَا رَضِيت بِهِ *** والحربُ يَكْفِيكَ مِنْ أَنْفَاسِهَا جُرَعُ

{ وتوكل على الله } أي لا تخف في الصلح مكرهم ، فإنه يعصمك من مكرهم { إنه هو السميع } لأقوالهم { العليم } أي بأحوالهم ، فيؤاخذهم بما يستحقون ، ويرد كيدهم في نحرهم .