المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

38- والله لا يحب الذين يبذلون المال للرياء قاصدين أن يراهم الناس فيحمدوهم ويعظِّموهم ، وهم غير مؤمنين بالله ولا بيوم الجزاء ، لأنهم اتبعوا الشيطان فأضلَّهم ، ومن يكن الشيطان صاحبه فبئس الصاحب .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

قوله تعالى : { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } ، محل ( الذين ) نصب عطف على الذين الأول ، وقيل : خفض عطفاً على قوله : { وأعتدنا للكافرين } نزلت في اليهود وقال السدي : في المنافقين ، وقيل : مشركي مكة المتفقين على عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى : { ومن يكن الشيطان له قريناً } ، صاحباً وخليلاً .

قوله تعالى : { فساء قريناً } ، أي : فبئس الشيطان قريناً ، وهو نصب على التفسير ، وقيل : على القطع بإلغاء الألف واللام كما تقول : نعم رجلاً عبد الله ، وكما قال تعالى : { بئس للظالمين بدلاً } [ الكهف :50 ] و{ ساء مثلاً } [ الأعراف : 177 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

ثم أخبر عن النفقة الصادرة عن رياء وسمعة وعدم إيمان به فقال : { وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ } أي : ليروهم ويمدحوهم ويعظموهم { وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ } أي : ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله ورجاء ثوابه . أي : فهذا من خطوات الشيطان وأعماله التي يدعو حزبه إليها ليكونوا من أصحاب السعير . وصدرت منهم بسبب مقارنته لهم وأزهم إليها فلهذا قال : { وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } أي : بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه ويسعى فيه أشد السعي .

فكما أن من بخل بما آتاه الله ، وكتم ما مَنَّ به الله عليه عاص آثم مخالف لربه ، فكذلك من أنفق وتعبد لغير الله فإنه آثم عاص لربه مستوجب للعقوبة ، لأن الله إنما أمر بطاعته وامتثال أمره على وجه الإخلاص ، كما قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } فهذا العمل المقبول الذي يستحق صاحبه المدح والثواب فلهذا حث تعالى عليه بقوله :

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

وقوله - تعالى { والذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَآءَ الناس وَلاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر } معطوف على { الذين يَبْخَلُونَ } .

وإنما شاركوهم فى الذم وسوء العاقبة لأن البخل بإظهار نعم الله فى مواضع الخير وكتمانها ، يستوى مع الإِنفاق الذى لا يقصد به وجه الله فى القبح واستجلاب العقاب ، إذ أن الذى ينفق ماله على سبيل الرياء والسمعة لا يتوخى به مواقع الحاجة ، فقد يعطى الغنى ويمنع الفقير ، وقد يبذل الكثير من المال ولكن فى المفاسد والشرور والمظاهر الكاذبة .

والمعنى : والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس أى قاصدين بإنفاقهم الرياء والسمعة لا وجه الله - تعالى - ولا يؤمنون بالله الذى له الخلق والأمر ، ولا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب . . . هؤلاء الذين يفعلون ذلك ببغضهم الله - تعالى - ، ويجازيهم بما يستحقون من عذاب أليم .

روى مسلم عن أبى هريرة قال : " سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله - تبارك وتعالى - : أنا أغنى الشركاء عن الشرك . من عمل عملا اشرك معى فيه غيرى تركته وشركه " .

وقوله { وَمَن يَكُنِ الشيطان لَهُ قَرِيناً فَسَآءَ قِرِيناً } جملة معترضة لبيان أن صحبتهم للشيطان ومطاوعتهم له هى التى دفعتهم إلى البخل وإلى الرياء وإلى عدم الإِيمان بالحق الذى آمن به العقلاء من الناس .

والمراد بالشيطان هنا : كل ما يغرى الإِنسان بالشر ويدفعه إليه من الانس أو الجن . والقرين : هو المصاحب والملازم للإِنسان . فهو فعيل بمعنى مفاعل ، كخليط بمعنى المخالط . وساء هنا : بمعنى بئس . وقرينا تمييز مفسر للضمير المستكين فى ساء .

والمخصوص بالذم محذوف وهو الشيطان الذى يدفع الإِنسان إلى الشرور الآثام .

والمعنى ومن يكن الشيطان مقارنا ومصاحبا له فبئس المصاحب وبئس المقارن الشيطان لأنه يدعوه إلى المعاصى التى تفضى به إلى النار .

وفى الآية الكريمة إشارة إلى أن قرناء السوء يفسدون الأخلاق : لأن عدوى الأخلاق تسرى بالمجاورة ، كما تسرى عدوى الأمراض البدنية .

والمقصود من الجملة الكريمة نهى الناس عن طاعة شياطين الإِنس والجن الذين يحرضون على ارتكاب الفواحش والقبائح ، ويزينون لأتباعهم الشرور والآثام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

عطف { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس } على { الذين يبخلون } : لأنّهم أنفقوا إنفاقاً لا تحصل به فائدة الإنفاق غالباً ، لأنّ من ينفق ماله رئاء لا يتوخّى به مواقع الحاجة ، فقد يعطي الغنيّ ويمنع الفقير ، وأريد بهم هنا المنفقون من المنافقين المشركين ، ولذلك وصفوا بأنّهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، وقيل : أريد بهم المشركون من أهل مكة ، وهو بعيد ، لأنّ أهل مكة قد انقطع الجدال معهم بعد الهجرة .

وجملة : { ومن يكن الشيطان له قرينا } معترضة .

وقوله : { فساء قريناً } جواب الشرط . والضمير المُستتر في ( ساء ) إن كان عائداً إلى الشيطان ف ( ساءَ ) بمعنى بئس ، والضمير فاعلها ، و { قرينا } تمييز للضمير ، مثل قوله تعالى : { ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا } [ الأعراف : 177 ] ، أي : فساء قرينا له ، ليحصل الربط بين الشرط وجوابه ، ويجوز أن تبقى ( ساء ) على أصلها ضَدّ حَسُن ، وترفع ضميرا عائداً على ( مَن ) ويكون ( قريناً ) تمييز نسبة ، كقولهم : « ساءَ سمعاً فَسَاء جَابَةً » أي فساءَ من كان الشيطان قرينَهُ من جهة القَرين ، والمقصود على كلا الاحتمالين سوء حال من كان الشيطان له قريناً بإثبات سوء قرينه ؛ إذ المرء يعرف بقرينه ، كما قال عديّ بن زيد :

فَكُلّ قرينٍ بالمُقَارن يَقْتَدي

وقوله : { وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر } عطف على الجملتين ، وضمير الجمع عائد إلى الفريقين ، والمقصود استنزال طائرهم ، وإقامة الحجّة عليهم .