فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ رِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۗ وَمَن يَكُنِ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَهُۥ قَرِينٗا فَسَآءَ قَرِينٗا} (38)

{ والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ( 38 ) }

{ والين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } عطف على قوله { الذين يبخلون } ووجه ذلك أن الأولين قد فرطوا بالبخل وبأمر الناس به وبكتم ما آتاهم الله من فضله ، وهؤلاء أفرطوا ببذل أموالهم في غير مواضعها لمجرد الرياءة والسمعة ، وليقال ما أسخاهم وما أجودهم كما يفعله من يريد أن يتسامع الناس بأنه كريم ، ويتطاول على غيره بذلك ويشمخ بأنفه عليه ، مع ما ضم إلى هذا الإنفاق الذي يعود عليه بالضرر مع عدم الإيمان بالله واليوم الآخر لا يصدقون بتوحيد الله ولا بالمعاد الذي فيه جزاء الأعمال أنه كائن .

وكررت لا وكذلك الباء إشعارا بأن الإيمان بكل منهما منتف على حد ، قيل نزلت في اليهود ، وقيل في المنافقين ، وقيل في مشركي مكة .

{ ومن يكن الشيطان له قرينا } في الكلام إضمار والتقدير ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر فقرينهم الشيطان ، ومن يكن الخ ، والقرين المقارن وهو الصاحب والخليل فعيل بمعنى مفاعل كالخليط والجليس ، والقرين الحبل لأنه يقرن به بين البعيرين ، والمعنى من قبل الشيطان في الدنيا فقد قارنه فيها أو فهو قرينه في النار { فساء } الشيطان { قرينا } وبئس الصاحب وبئس الخليل هو .

وفيه تقريع لهم على طاعة الشيطان ، وقيل هذا في الآخرة يجعل الله الشياطين قرناءهم في النار يقرن مع كل كافر شيطان في سلسلة من النار ، والأول أولى وألصق بظاهر الآية .