المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

143- وإن المنافقين مترددون مضطربون ، لا هم منكم ولا هم في كل أحوالهم منهم ، وذلك من ضعف الإيمان وضعف النفس ، ومن الضلال عن الحق ، ومن يكتب الله عليه في علمه الأزلي الضلال ، فلن تجد سبيلاً لهدايته .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

قوله تعالى : { مذبذبين بين ذلك } ، أي : مترددين متحيرين بين الكفر والإيمان .

قوله تعالى : { لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } ، أي : ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمؤمنين ، وليسوا من الكفار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفار .

قوله تعالى : { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً } ، أي : طريقاً إلى الهدى .

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، قال : أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنا إبراهيم بن محمد سفيان ، أنا مسلم بن الحجاج ، أنا محمد بن المثنى ، أنا عبد الوهاب يعني الثقفي ، أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

{ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } أي : مترددين بين فريق المؤمنين وفريق الكافرين . فلا من المؤمنين ظاهرا وباطنا ، ولا من الكافرين ظاهرا وباطنا . أعطوا باطنهم للكافرين وظاهرهم للمؤمنين ، وهذا أعظم ضلال يقدر . ولهذا قال : { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } أي : لن تجد طريقا لهدايته ولا وسيلة لترك غوايته ، لأنه انغلق عنه باب الرحمة ، وصار بدله كل نقمة .

فهذه الأوصاف المذمومة تدل بتنبيهها على أن المؤمنين متصفون بضدها ، من الصدق ظاهرا وباطنا ، والإخلاص ، وأنهم لا يجهل ما عندهم ، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم ، وكثرة ذكرهم لله تعالى . وأنهم قد هداهم الله ووفقهم للصراط المستقيم . فليعرض العاقل نفسه على هذين الأمرين وليختر أيهما أولى به ، وبالله{[248]}  المستعان .


[248]:- في ب: والله.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

وقوله : { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك } حال من فاعل يراءون واسم الإِشارة " ذلك " مشار به إلى الإِيمان والكفر المدلول عليه بذكر المؤمنين والكافرين .

قال القرطبى : المذبذب : المتردد بين أمرين . والذبذبة : الاضطراب . يقال : ذبذبته فتذبذب . ومنه قول النابغة - فى مدح النعمان بل المنذر -

ألم تر أن الله أعطاك سورة . . . ترى كل ملك دونها يتذبذب

أى : يضطرب وقال ابن جنى : المذبذب : المهتز القلق الذى لا يثبت ولا يتمهل . فهؤلاء المنافقون مترددون بين المؤمنين والمشركين . لا مخلصين للإِيمان ولا مصرحين بالكفر . وفى صحيح مسلم من حيث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين - أى المترددة بين قطعتين - تعير إلى هذه مرة وإلى هذه أخرى " .

وقوله { إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء } فى محل نصب على أنه حال من ضمير { مُّذَبْذَبِينَ } أو على أنه بيان وتفسير له .

وقوله : { وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } أى : ومن يضلله الله - تعالى - عن طريق الحق ، بسبب إيثاره الغواية على الهداية . فلن تجد له سبيلا يوصله إلى الصراط المسقيم .

وبعد هذا الذم الشديد لما كان عليه المنافقون من خداع ورياء وضلال . وجه - سبحانه - نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن موالاة الكافرين فقال - تعالى - : { يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

135

ويستمر السياق في رسم الصور الزرية المنفرة :

( مذبذبين بين ذلك . لا إلى هؤلاء . ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلًا ) . .

وموقف الذبذبة ، والأرجحة ، والاهتزاز ، وعدم الاستقرار والثبات في أحد الصفين : الصف المؤمن أو الصف الكافر . . موقف لا يثير إلا الاحتقار والاشمئزاز كذلك في نفوس المؤمنين . كما أنه يوحي بضعف المنافقين الذاتي . هذا الضعف الذي يجعلهم غير قادرين على اتخاذ موقف حاسم هنا أو هناك . . ولا على المصارحة برأي وعقيدة وموقف . . مع هؤلاء أو هؤلاء . .

ويعقب على هذه الصور الزرية ، وهذه المواقف المهزوزة ، بأنهم قد حقت عليهم كلمة الله ؛ واستحقوا ألا يعينهم في الهداية ؛ ومن ثم فلن يستطيع أحد أن يهديهم سبيلا . ولا أن يجد لهم طريقا مستقيما :

( ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلًا ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

{ مذبذبين بين ذلك } حال من واو { يراؤون } كقوله : { ولا يذكرون } أي يراؤونهم غير ذاكرين مذبذبين أو واو يذكرون أو منصوب على الذم ، والمعنى : مرددين بين الإيمان والكفر من الذبذبة وهي جعل الشيء مضطربا ، وأصله الذي بمعنى الطرد . وقرئ بكسر الذال بمعنى يذبذبون قلوبهم أو دينهم أو يتذبذبون كقولهم : صلصل بمعنى تصلصل . وقرئ بالدال غير المعجمة بمعنى أخذوا تارة في دبة وتارة في دبة وهي الطريقة . { لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ، أو لا صائرين إلى أحد الفريقين بالكلية . { ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا } إلى الحق والصواب ، ونظيره قوله تعالى : { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .