فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

{ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا ( 143 ) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ( 144 ) }

{ مذبذبين بين ذلك } أي بين الإيمان والكفر المعلومين من المقام ، والمذبذب المتردد بين أمرين والذبذبة الاضطراب ، يقال ذبذبه فتذبذب ، قال ابن جني : المذبذب القلق الذي لا يثبت على حال ، فهؤلاء المنافقون مترددون بين المؤمنين والمشركين ، لا مخلصين ولا مصرحين بالكفر .

قال في الكشاف : وحقيقة المذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين مرة بعد أخرى أي يذاد ويدفع فلا يقر في جانب واحد ، إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب كأن المعنى كلما مال إلى جانب ذب عنه انتهى ، وانتصاب مذبذبين إما على الحال أو على الذم .

{ لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } أي لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ، قال مجاهد : هم المنافقون لا إلى هؤلاء أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا إلى هؤلاء أي اليهود .

وثبت في الصحيحين عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة فلا تدري أيهما تتبع{[559]} ) العائرة بالعين المهملة المتحيرة المترددة ، ومعنى تعير تتردد وتذهب يمينا وشمالا ، مرة إلى هذه ومرة إلى هذه لا تدري إلى أين تذهب .

{ ومن يضلل الله } أي يخذله ويسلبه التوفيق { فلن تجد له سبيلا } أي طريقا توصله إلى الحق .


[559]:صحيح الجامع الصغير5729. زاد السير/232.