الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{مُّذَبۡذَبِينَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُۥ سَبِيلٗا} (143)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد ، فوقع أحدهم فعبر حتى أتى ، ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب إلى الهلكة ، ارجع عودك على بدئك ؟ ! وناداه الذي عبر : هلم النجاة . فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال : فجاءه سيل فأغرقه ، فالذي عبر المؤمن ، والذي غرق المنافق ، مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، والذي مكث الكافر .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء } يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك . قال : " وذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلا للمؤمن والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر ، فوقع المؤمن فقطع ، ثم وقع المنافق حتى كاد يصل إلى المؤمن ، ناداه الكافر : أن هلم إلي فإني أخشى عليك ، وناداه المؤمن أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحض يحصي له ما عنده ، فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى عليه الماء فغرقه ، وأن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك " .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { مذبذبين بين ذلك } قال : هم المنافقون { لا إلى هؤلاء } يقول : لا إلى أصحاب محمد ، ولا إلى هؤلاء اليهود .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد { مذبذبين بين ذلك } قال : بين الإسلام والكفر .

وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه ومسلم وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين ، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ، لا تدري أيها تتبع " .

وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين ، إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها " .