ثم بين - سبحانه - حال الذين ابيضت وجوههم وحسنت عاقبتهم فقال : { وَأَمَّا الذين ابيضت وُجُوهُهُمْ } ببركة إيمانهم وعملهم الصالح { فَفِي رَحْمَةِ الله } أى ففى جنته . والتعبير عن الجنة بالرحمة من باب التعبير بالحال عن المحل فتكون الظرفية حقيقة . وإذا أريد برحمة الله ثوابه وجزاؤه تكون الظرفية مجازية .
وفى التعبير عن الجنة بالرحمة إشعار بأن دخولها إنما هو بمحض فضل الله - تعالى - فهو - سبحانه - المالك لكل شىء ، والخالق لكل شىء .
وقوله { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } بيان لما خصهم الله - تعالى - من خلود فى هذا النعيم الذى لا يحد بحد ، ولا يرسم برسم ، ولا تبلغ العقول مداه . أى هم فى الرحمة باقون دائمون فقد أعطاهم الله - تعالى - عطاء غير مجذوذ .
وقد بدأ - سبحانه - كلامه عن الفريقين بالذين ابيضت وجوههم ثم قدم الحديث عن حال الذين اسودت وجوههم على الذين ابيضت وجوههم ، ليكون ابتداء الكلام واختتامه عن هؤلاء السعداء بما يسر القلب ويشرح الصدر ويغرى الناس بالتمسك بعرى الإيمان وبالإكثار من العمل الصالح الذي يوصلهم إلى رحمة الله ورضاه .
ووصف - سبحانه - الذين ابيضت وجوههم بأنهم خالدون فى رحمته ، ولم يصف الذين اسودت وجوههم بالخلود فى العذاب للتصريح فى غير هذا الموضع بخلودهم فى هذا العذاب كما فى قوله - تعالى - { إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أولئك هُمْ شَرُّ البرية } وللإشعار بأن باب رحمته - سبحانه - مفتوح أمام هؤلاء الضالين فعليهم أن يثوبوا إلى رشدهم ، وأن يقلعوا عن الكفر إلى الإيمان والعمل الصالح حتى ينجوا من عذاب الله وسخطه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه .
( وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون ) .
وهكذا ينبض المشهد بالحياة والحركة والحوار . . على طريقة القرآن .
وهكذا يستقر في ضمير الجماعة المسلمة معنى التحذير من الفرقة والاختلاف . ومعنى النعمة الإلهية الكريمة . . بالإيمان والائتلاف .
وهكذا ترى الجماعة المسلمة مصير هؤلاء القوم من أهل الكتاب ، الذين تحذر أن تطيعهم . كي لا تشاركهم هذا المصير الأليم في العذاب العظيم . يوم تبيض وجوه ، وتسود وجوه . .
يعني : الجنة ، ماكثون فيها أبدا لا يبغون عنها حوَلا . وقد قال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية : حدثنا أبو كُرَيْب ، حدثنا وَكِيع ، عن رَبِيع - وهو ابن صَبِيح{[5468]} - وحَمَّاد بن سلمة ، عن أبي غالب قال : رأى أبو أمامة رءوسا منصوبة على دَرَج دمشق ، فقال أبو أمامة : كلاب النار ، شر قتلى تحت أديم السماء ، خَيْرُ قتلى من قتلوه ، ثم قرأ : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } إلى آخر الآية . قلت لأبي أمامة : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا - حتى عَدّ سبعا - ما حَدّثتكموه .
ثم قال : هذا حديث حسن : وقد رواه ابن ماجة من حديث سفيان بن عيينة عن أبي غالب ، وأخرجه أحمد في مسنده ، عن عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن أبي غالب ، بنحوه{[5469]} . وقد روى ابن مَرْدُويَه عند تفسير هذه الآية ، عن أبي ذر ، حديثًا مطولا غريبا عجيبا جدا .
قدّم عند وصف اليوم ذكر البياض ، الَّذي هو شعار أهل النَّعيم ، تشريفاً لذلك اليوم بأنَّه يوم ظهور رحمة الله ونعمته ، ولأنّ رحمة الله سبقت غضبه ، ولأنّ في ذكر سمة أهل النَّعيم ، عقب وعيد بالعذاب ، حسرةً عليهم ، إذ يعلم السَّامع أنّ لهم عذاباً عظيماً في يوم فيه نعيم عظيم ، ثُمّ قُدّم في التفصيل ذكر سمة أهل العذاب تعجيلاً بمساءتهم .
وقوله { أكفرتم } مقول قول محذوف يحذف مثله في الكلام لظهوره : لأنّ الاستفهام لا يصدر إلاّ من مستفهم ، وذلك القول هو جواب أمَّا ، ولذلك لم تدحل الفاء على { أكفرتم } ليظهر أن ليس هو الجواب وأن الجواب حذف برمَّته .
وقائل هذا القول مجهول ، إذ لم يتقدّم ما يدّل عليه ، فيحتمل أنّ ذلك يقوله أهل المحشر لهم وهم الَّذين عرفوهم في الدّنيا مؤمنين ، ثمّ رأوهم وعليهم سمة الكفر ، كما ورد في حديث الحوض « فليَرِدنّ عليّ أقوام أعرفهم ثمّ يُخْتلجُون دوني ، فأقولُ : أصَيْحَابي ، فيقال : إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » والمستفهِم سلَفُهم من قومهم أو رسولهم ، فالاستفهام على حقيقته مع كنايته عن معنى التعجّب .
ويحتمل أنَّه يقوله تعالى لهم ، فالاستفهام مجاز عن الإنكار والتغليط . ثمّ إن كان المراد بالَّذين اسودّت وجوههم أهل الكتاب ، فمعنى كفرهم بعدَ إيمانهم تغييرهم شريعة أنبيائهم وكتمانهم ما كتموه فيها ، أو كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم بموسى وعيسى ، كما تقدّم في قوله
{ إنّ الَّذين كفروا بعد إيمانهم } [ آل عمران : 90 ] وهذا هو المحمل البيّن ، وسياق الكلام ولفظه يقتضيه ، فإنَّه مسَوق لوعيد أولئك . ووقعت تأويلات من المسلمين وقعوا بها فيما حذّرهم منه القرآن ، فتفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات : الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " فلا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " مثل أهل الردة الذين ماتوا على ذلك ، فمعنى الكفر بعد الإيمان حينئذٍ ظاهر ، وعلى هذا المعنى تأوّل الآية مالك بن أنس فيما روى عنه ابن القاسم وهو في ثالثة المسائل من سماعه من كتاب المرتدّين والمحاربين من العتبية قال : « ما آية في كتاب الله أشدّ على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية » { يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه } قال مالك : إنَّما هذه لأهل القبلة . يعني أنَّها ليست للَّذين تفرّقوا واختلفوا من الأمم قبلنا بدليل قوله { أكفرتم بعد إيمانكم } ورواه أبو غسّان مالك الهروي عن مالك عن ابن عمرَ ، ورُوي مثل هذا عن ابن عبّاس ، وعلى هذا الوجه فالمراد الَّذين أحدثوا بعد إيمانهم كفرا بالردّة أو بشنيع الأقوال الَّتي تفضي إلى الكفر ونقض الشَّريعة ، مثل الغرابية من الشيعة الَّذين قالوا بأنّ النبوءة لعلي ، ومثل غلاة الإسماعلية أتباع حمزة بن عليّ ، وأتباع الحاكم العُبيدي ، بخلاف من لم تبلغ به مقالته إلى الكفر تصريحاً ولا لزوماً بيّنا مثل الخوارج والقدرية كما هو مفصّل في كتب الفقه والكلام في حكم المتأوّلين ومن يؤول قولهم إلى لوازم سيّئة .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة}، يعني في جنة {الله هم فيها خالدون} يعني لا يموتون.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
أما الذين ابيضت وجوههم ممن ثبت على عهد الله وميثاقه، فلم يبدل دينه، ولم ينقلب على عقبيه بعد الإقرار بالتوحيد، والشهادة لربه بالألوهة، وأنه لا إله غيره {ففي رَحْمَةِ اللّهِ} يقول: فهم في رحمة الله، يعني في جنته ونعيمها، وما أعدّ الله لأهلها فيها، {هُمْ فيها خَالِدُونَ} أي باقون فيها أبدا بغير نهاية ولا غاية.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 106]
قوله تعالى: {وأما الذين ابيضت وجوههم} الآية وصف الله جل وعلا وجوه أهل الجنة بالبياض [لأن البياض] هو غاية ما يكون به الصفاء، لأن كل الألوان تظهر في البياض، ووصف جل وعلا وجوه أهل النار بالسواد فيها، شبيه بالظلمة، وقد يحتمل أن يكون المراد من وصف البياض والسواد ليس البياض والسواد، ولكن البياض هو كناية عن شدة السرور والفرح، والسواد كناية عن شدة الحزن والأسف كقوله: {وجوه يومئذ مسفرة} {ضاحكة مستبشرة} [عبس: 38 و 39] ووصف وجوه أهل الجنة بالضحك وليس على حقيقة الضحك، ولكن [هو] بغاية السرور والفرح، وكذلك وجوه أهل الناس وصفها بالغبر والقتر، وهو وصف لشدة الحزن، والله أعلم. وقوله تعالى: {أكفرتم بعد إيمانكم} يحتمل وجوها: يحتمل {أكفرتم بعد} ما آمنتم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بوجودكم بعثه وصفته في كتابكم؟...
ويحتمل قوله: {أكفرتم} أنتم بعد [أن] آمن منكم فرق؟ لأن منهم من قد آمن، ومنهم من قد كفر، فقال لمن كفر: {أكفرتم} أنتم، وقد آمن منكم نفر؟ ألا ترى أنه قال: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق}؟ [الأعراف: 159] والله أعلم، وقال: أراد بالإيمان الذي قالوا حين اخرجوا من ظهر آدم...
وقوله تعالى: {فذوقوا العذاب} في الظاهر أمر، لكنه في الحقيقة ليس بأمر لأن العذاب لا يذاق، وإنما يذوق هو، فكأنه قال: اعلموا أن عليكم العذاب.
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
{وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} هؤلاء أهل طاعته والوفاء بعهده...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
قوله:"ففي رحمة الله" قيل في معناه قولان: أحدهما -انهم في ثواب الله وان الرحمة هي الثواب. والثاني- انهم في ثواب رحمة الله... والآية تدل على أن ثواب الله تفضل، لان رحمة الله إنما هي نعمته، وكل نعمة فانه يستحق بها الشكر، وكل نعمة تفضل، ولو لم تكن تفضلا لم تكن نعمة... وإنما كرر الظرف في قوله: "ففي رحمة الله هم فيها خالدون "لأمرين: أحدهما -للتأكيد، والثاني- للبيان عن صحة الصفتين أنهم في رحمة الله، وانهم فيها خالدون، وكل واحدة قائمة بنفسها.
... فيه سؤالات: السؤال الأول: ما المراد برحمة الله؟. الجواب: قال ابن عباس: المراد الجنة، وقال المحققون من أصحابنا: هذا إشارة إلى أن العبد وإن كثرت طاعته فإنه لا يدخل الجنة إلا برحمة الله، وكيف لا نقول ذلك والعبد ما دامت داعيته إلى الفعل وإلى الترك على السوية يمتنع منه الفعل؟ فإذن ما لم يحصل رجحان داعية الطاعة امتنع أن يحصل منه الطاعة وذلك الرجحان لا يكون إلا بخلق الله تعالى، فإذن صدور تلك الطاعة من العبد نعمة من الله في حق العبد فكيف يصير ذلك موجبا على الله شيئا، فثبت أن دخول الجنة لا يكون إلا بفضل الله وبرحمته وبكرمه لا باستحقاقنا...
السؤال [الثاني]...: الكفار مخلدون في النار كما أن المؤمنين مخلدون في الجنة، ثم إنه تعالى لم ينص على خلود أهل النار في هذه الآية مع أنه نص على خلود أهل الجنة فيها فما الفائدة؟. والجواب: كل ذلك إشعارات بأن جانب الرحمة أغلب، وذلك لأنه ابتدأ في الذكر بأهل الرحمة وختم بأهل الرحمة، ولما ذكر العذاب ما أضافه إلى نفسه، بل قال: {فذوقوا العذاب} مع أنه ذكر الرحمة مضافة إلى نفسه حيث قال: {ففي رحمة الله} ولما ذكر العذاب ما نص على الخلود مع أنه نص على الخلود في جانب الثواب، ولما ذكر العذاب علله بفعلهم فقال: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} ولما ذكر الثواب علله برحمته فقال: {ففي رحمة الله} ثم قال في آخر الآية {وما الله يريد ظلما للعالمين} وهذا جار مجرى الاعتذار عن الوعيد بالعقاب، وكل ذلك مما يشعر بأن جانب الرحمة مغلب...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وأما الذين ابيضت وجوهم} إشراقاً وبهاء لأنهم آمنوا فأمنوا من العذاب {ففي رحمة الله} أي ثمرة فعل ذي الجلال والإكرام الذي هو فعل الراحم. لا في غير رحمته. ثم أجاب عن سؤال من كأنه قال: هل تزول عنهم كما هو حال النعم في الدنيا؟ بقوله -على وجه يفهم لزومها لهم في الدنيا والآخرة -: {هم} أي خاصة {فيها خالدون} فلذا كانوا يؤمنون، فالآية من الاحتباك: إثبات الكفر أولاً دل على إرادة الإيمان ثانياً، وإثبات الرحمة ثانياً دل على حذف اللعنة أولاً...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
المراد برحمة الله تعالى هنا أثرها من نعمته وإحسانه ولا شك أن من ابيضت وجوههم بما تقدم شرحه يكونون خالدين في النعمة بالدنيا ما داموا على تلك الحال والأعمال التي بها ابيضت وجوههم، لأن الله تعالى لا يغير ما بقوم من نعمة حتى يغيروا ما بأنفسهم، فيترتب عليه التغير في الأعمال. وترتيب الخلود هنا على قوله: (ابيضت وجوههم) يؤذن بأن ابياض الوجوه وما كان سببا فيه علة له والمعلول يدوم بدوام علته. وأما أمر الخلود في الآخرة فهو أظهر.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
قدّم عند وصف اليوم ذكر البياض، الَّذي هو شعار أهل النَّعيم، تشريفاً لذلك اليوم بأنَّه يوم ظهور رحمة الله ونعمته، ولأنّ رحمة الله سبقت غضبه، ولأنّ في ذكر سمة أهل النَّعيم، عقب وعيد بالعذاب، حسرةً عليهم، إذ يعلم السَّامع أنّ لهم عذاباً عظيماً في يوم فيه نعيم عظيم، ثُمّ قُدّم في التفصيل ذكر سمة أهل العذاب تعجيلاً بمساءتهم...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
أي أن الذين أشرقت نفوسهم بنور الحق، وأدركت قلوبهم معنى الإيمان، وذاقت حلاوته، في رحمة الله تعالى، ورحمة الله تعالى تتسع لكل معاني النعيم المقيم، ورضوانه العظيم وهو اكبر الرحمة، ثم خصهم سبحانه بالخلود في هذا النعيم الذي لا يحد بحد، ولا يرسم برسم، ولا تبلغ العقول مداه، فقال سبحانه: {هم فيها خالدون}. أي هم في الرحمة باقون دائمون...
يقول تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ولنلاحظ دائما أن الله حين يبين جزاءً لمؤمن على إيمانه وطاعته فسبحانه يقول مرة: {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف: 42] ومرة أخرى يقول: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً} [النساء: 175] ما الفرق بين الاثنين؟ إن الناس في العبادة صنفان: منهم من يعبد الله ويريد نعيم الجنة، فيعطيه الله الجنة جزاء لعبادته ولعمله الصالح. وآخر يعبد الله؛ لأن الله يستحق العبادة ولا تمر الجنة على باله، وهذا ينال ذات الرحمة، إنه ينال لقاء وجه الله. وما الفرق بين الجنة والرحمة؟ إن الجنة مخلوقة لله، فهي باقية بإبقاء الله لها، ولكن الرحمة باقية ببقاء الله، وهذا ضمان كاف، فمن يرى الله فيه حسن العبادة لذاته -سبحانه- يضع الله في الرحمة...
والدقة الأدائية في القرآن توضح لنا أن الرحمة تكتنف هؤلاء العباد الصالحين، وتحيط بهم، إنهم ظرف للرحمة وداخلون فيها فلا تمسهم الرحمة فقط، ولكن تحيط بهم، وهم خالدون فيها، ويؤكدها الحق بظرفية جديدة بقوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فكأن هناك رحمة يُدخل فيها العباد، ثم يطمئننا على أنها لا تُنزع منا أبدا. ف "فيها "الثانية للخلود، "وفي" الأولى للدخول في الرحمة.