بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبۡيَضَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فَفِي رَحۡمَةِ ٱللَّهِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (107)

{ فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكم } يعني يقال لهم : أكفرتم ؟ ولكن حُذِفَ القول ، لأن في الكلام دليلاً عليه { بعد إيمانكم } ، يعني يوم الميثاق . قالوا : بَلَى ، يعني المرتدين والمنافقين . ويقال هذا لليهود ، وكانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يُبْعث ، فلما بُعث كفروا به . وقال أبو العالية : هذا للمنافقين خاصة . يقول : أكفرتم في السرّ بعد إيمانكم ، أي مع إقراركم في العلانية { فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن . حدّثنا الخليل بن أحمد . قال : حدّثنا عباد بن الوليد قال : حدّثنا محمد بن عباد البنائي قال : حدّثنا حميد بن الخياط قال : سألت أبا العالية عن هذه الآية : { فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكم } فقال : حدّثنا أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إنَّهُمُ الخَوَارِجُ » وسألته عن قوله : { لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ } [ آل عمران : 118 ] قال : إنهم الخوارج قوله : { وَأَمَّا الذين ابيضت وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ الله } أي في جنة الله قال الزجاج : يعني في الجنة التي صاروا إليها برحمة الله تعالى ، لأن الجنة تُنَالُ برحمته ، ولا تُنَال بالجهد ، وإن اجتهد المجتهد ، لأن نعمة الله تعالى لا يكافئها عمل ، ففي رحمة الله أي في ثواب الله { وَهُمْ فِيهَا خالدون } أي دائمون .