المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

5 - والعذاب فاترك ، أي دُمْ على هَجْر ما يوصل إلى العذاب ، ولا تعط أحداً مستكثراً لما تعطيه إيَّاه ، ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهي وكل ما فيه جهد ومشقة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

{ ولا تمنن تستكثر } أي : لا تعط مالك مصانعةً لتعطى أكثر منه ، وهذا قول أكثر المفسرين ، قال الضحاك ومجاهد : كان هذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة . قال الضحاك : هما رباءان حلال وحرام ، فأما الحلال فالهدايا ، وأما الحرام فالربا . قال قتادة : لا تعط شيئاً طمعاً لمجازاة الدنيا ، يعني أعط لربك وأرد به الله . وقال الحسن : معناه لا تمنن على الله فتستكثره ، قال الربيع : لا تكثرن عملك في عينك فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل . وروى خصيف عن مجاهد : ولا تضعف أن تستكثر من الخير ، من قولهم : حبل متين إذا كان ضعيفاً ، دليله : قراءة ابن مسعود : ولا تمنن أن تستكثر من الخير ، قال ابن زيد معناه : لا تمنن بالنبوة على الناس فتأخذ عليها أجراً أو عرضاً من الدنيا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

{ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } أي : لا تمنن على الناس بما أسديت إليهم من النعم الدينية والدنيوية ، فتتكثر{[1276]}  بتلك المنة ، وترى لك [ الفضل ] عليهم بإحسانك المنة ، بل أحسن إلى الناس مهما أمكنك ، وانس [ عندهم ] إحسانك ، ولا تطلب أجره إلا من الله تعالى واجعل من أحسنت إليه وغيره على حد سواء .

وقد قيل : إن معنى هذا ، لا تعط أحدا شيئا ، وأنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه ، فيكون هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم .


[1276]:- في ب: فتستكثر.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

ثم نهاه - سبحانه - عن فعل ، لا يتناسب مع خلقه الكريم صلى الله عليه وسلم فقال : { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } والمن : أن يعطى الإِنسان غيره شيئا ، ثم يتباهى به عليه ، والاستكثار : عد الشئ الذى يعطى كثيرا .

أى : عليك - أيها الرسول الكريم - أن تبذل الكثير من مالك وفضلك لغيرك ، ولا تظن أن ما أعطيته لغيرك كثيرا - مهما عظم وجل - فإن ثواب الله وعطاءه أكثر وأجزل . .

ويصح أن يكون المعنى : ولا تعط غيرك شيئا ، وأنت تتمنى أن يرد لك هذا الغير أكثر مما أعطيته ، فيكون المقصود من الآية : النهى عن تمنى العوض .

قال ابن كثير : قوله : { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها .

وقال الحسن البصرى : لا تمنن بعملك على ربك تستكثره ، وعن مجاهد : لا تضعف أن تستكثر من الخير .

وقال ابن زيد : لا تمنن بالنبوة على الناس : تستكثرهم بها ، تأخذ على ذلك عوضا من الدنيا .

فهذه أربعة أقوال ، والأظهر القول الأول - المروى عن ابن عباس وغيره - .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

ويوجهه إلى إنكار ذاته وعدم المن بما يقدمه من الجهد ، أو استكثاره واستعظامه : ( ولا تمنن تستكثر ) . . وهو سيقدم الكثير ، وسيبذل الكثير ، وسيلقى الكثير من الجهد والتضحية والعناء . ولكن ربه يريد منه ألا يظل يستعظم ما يقدمه ويستكثره ويمتن به . . وهذه الدعوة لا تستقيم في نفس تحس بما تبذل فيها . فالبذل فيها من الضخامة بحيث لا تحتمله النفس إلا حين تنساه . بل حين لا تستشعره من الأصل لأنها مستغرقة في الشعور بالله ؛ شاعرة بأن كل ما تقدمه هو من فضله ومن عطاياه . فهو فضل يمنحها إياه ، وعطاء يختارها له ، ويوفقها لنيله . وهو اختيار واصطفاء وتكريم يستحق الشكر لله . لا المن والاستكثار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

وقوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال ابن عباس : لا تعط العطية تلتمس أكثر منها . وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، وعطاء ، وطاوس ، وأبو الأحوص ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .

وروي عن ابن مسعود أنه قرأ : " ولا تمنن أن تستكثر " .

وقال الحسن البصري : لا تمنن بعملك على ربك تستكثره . وكذا قال الربيع بن أنس ، واختاره ابن جرير . وقال خصيف ، عن مجاهد في قوله : { وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ } قال : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال تمنن في كلام العرب : تضعف .

وقال ابن زيد : لا تمنن بالنبوة على الناس ، تستكثرهم بها ، تأخذ عليه عوضا من الدنيا .

فهذه أربعة أقوال ، والأظهر القول الأول ، والله أعلم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

وقوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ولا تُعطِ يا محمد عطية لتعطَى أكثر منها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تُعط عطية تلتمس بها أفضل منها .

حدثنا أبو حميد الحمصي أحمد بن المُغيرة ، قال : ثني أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرميّ ، قال : ثني أرطاة عن ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص في قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط شيئا ، لتُعْطي أكثر منه .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن عكرِمة ، في قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعطِ شيئا لتُعْطَي أكثر منه .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني من سمع عكرِمة يقول : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل ، عن منصور ، عن إبراهيم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط كيما تَزداد .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن مُغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سلمة ، عن الضحاك وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعطِ لتُعْطَي أكثر منه .

قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط شيئا لتزداد .

حدثنا أبو كُرَيْبٍ قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي روّاد ، عن الضحاك ، قال : هو الربا الحلال ، كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة .

حدثنا أبو كُرَيْبٍ ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي حجيرة ، عن الضحاك ، هما رِبَوَان : حلال ، وحرام فأما الحلال : فالهدايا ، والحرام : فالربا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ يقول : لا تعط شيئا ، إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط شيئا لتثاب أفضل منه ، وقاله أيضا طاوس .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : تعطي مالاً مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : لا تعط لتُعْطي أكثر منه .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تعط لتزداد .

قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الضحاك بن مزاحم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : هي للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة ، وللناس عامّة مُوَسّع عليهم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ولا تمنن عملك على ربك تستكثر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سفيان بن حسين ، عن الحسن ، في قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تمنن عملك تستكثره على ربك .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تمنن تستكثر عملك .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا يونس بن نافع أبو غانم ، عن أبي سهل ، كثير بن زياد ، عن الحسن وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ يقول : لا تمنن تستكثر عملك الصالح .

حدثنا ابن حُميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا يكثر عملك في عينك ، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا تضعف أن تستكثر من الخير . ووجّهوا معنى قوله : وَلا تَمْنُنْ أي لا تضعف ، من قولهم : حبل منين : إذا كان ضعيفا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو حميد بن المغيرة الحمصي ، قال : حدثنا عبد الله بن عمرو ، قال : حدثنا محمد بن سلمة ، عن خَصِيف عن مجاهد ، في قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تضعف أن تستكثر من الخير ، قال : تمنن في كلام العرب : تضعف .

وقال آخرون في ذلك : لا تمنن بالنبوّة على الناس ، تأخذ عليه منهم أجرا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال : لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به ، تأخذ عليه عوضا من الدنيا .

وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال : معنى ذلك : ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح .

وإنما قلت ذلك أولى بالصواب ، لأن ذلك في سياق آيات تقدمّ فيهنّ أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجدّ في الدعاء إليه ، والصبر على ما يَلْقَى من الأذى فيه ، فهذه بأن تكون من أنواع تلك ، أشبه منها بأن تكون من غيرها . وذُكر عن عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته : «وَلا تَمْنُنْ أنْ تَسْتَكْثِرُ » .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

واختلف المتأولون في معنى قوله تعالى : { ولا تمنن تستكثر } . فقال ابن عباس وجماعة معه : لا تعط عطاء لتعطى أكثر منه ، فكأنه من قولهم ، من إذا أعطى ، قال الضحاك ، وهذا خاص بالنبي عليه السلام ، ومباح لأمته لكن لا أجر لهم فيه . قال مكي : وهذا معنى قوله تعالى : { وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله }{[11413]} [ الروم : 39 ] ، وهذا معنى أجنبي من معنى هذه السورة . وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال : { ولا تمنن تستكثر } لا تقل دعوت فلم أجب وروى قتادة أن المعنى لا تدل بعملك{[11414]} ، ففي هذا التأويل تحريض على الجد وتخويف ، وقال ابن زيد : معناه { ولا تمنن } على الناس بنبوءتك { تستكثر } بأجر أو بكسب تطلبه منهم . وقال الحسن بن أبي الحسن : معناه { ولا تمنن } على الله بجدك { تستكثر } أعمالك ويقع لك بها إعجاب ، فهذه كلها من المن الذي هو تعديد اليد وذكرها . وقال مجاهد : معناه ولا تضعف { تستكثر } ما حملناك من أعباء الرسالة وتستكثر من الخير ، فهذه من قولهم حبل منين أي ضعيف{[11415]} ، وفي قراءة ابن مسعود : «ولا تمنن أن تستكثر » ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن : «تستكثرْ » بجزم الراء ، وذلك كأنه قال لا تستكثر ، وقرأ الأعمش : «تستكثرَ » بنصب الراء ، وذلك على تقدير أن مضمرة وضعف أبو حاتم الجزم ، وقرأ ابن أبي عبلة : «ولا تمنن فتستكثرْ » بالفاء العاطفة والجزم ، وقرأ أبو السمال : «ولا تمنّ » بنون واحدة مشددة .


[11413]:من الآية 39 من سورة الروم.
[11414]:من قولهم: "أدل عليه" بمعنى: وثق بمحبته فأفرط عليه، وهي بمعنى تدلل عليه.
[11415]:ذكر ابن عطية ستة أقوال في الآية، وذكر القرطبي فيها أحد عشر تأويلا.