محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ} (6)

{ ولا تمنن تستكثر } أي لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها بمعنى لا تعط شيئا لتعطى أكثر منه يقال مننت فلانا كذا أي أعطيته كما قال {[7267]} { هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك } أي فاعط أو أمسك وأصله أن من أعطى فقد من ، فسميت العطية بالمن على سبيل الاستعارة وجوز القفال أن يكون الاستكثار عبارة عن طلب العوض كيف كان زائدا أو مساويا قال وإنما حسنت هذه الاستعارة لأن الغالب أن الثواب يكون زائدا على العطاء فسمي طلب الثواب استكثارا حملا للشيء على أغلب أحواله وهذا كما أن الأغلب أن المرأة إنما تتزوج ولها ولد للحاجة إلى من يربي ولدها فسمي الولد ربيبا ثم اتسع الأمر فسمي ربيبا وإن كان حين تتزوج أمه كبيرا .

وسر النهي أن يكون العطاء خاليا عن انتظار العوض والتفات النفس إليه تعففا وكمالا وعلو همة .

وقيل معنى الآية لا تعط عطاء مستنكرا له فإن مكارم الأخلاق استقلال العطاء وإن كان كثيرا فالسين للعد والوجدان وسبق في سورة الروم في قوله تعالى {[7268]} { وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله } كلام في هذه الآية أيضا فارجع إليه .


[7267]:38/ ص/ 39.
[7268]:30 /الروم/ 39.