المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

34- وما جعلنا لأحد من البشر قبلك - أيها النبي - الخلود في هذه الحياة حتى يتربص بك الكفار الموت . فكيف ينتظرون موتك ليشمتوا بك وهم سيموتون كما تموت ؟ ! أفإن مت يبقى هؤلاء أحياء دون غيرهم من سائر البشر ؟ .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

قوله عز وجل : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } دوام البقاء في الدنيا { أفإن مت فهم الخالدون } أي أفهم الخالدون إن مت ؟قيل : نزلت هذه الآية حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

{ 34 - 35 ْ } { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّوَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ْ }

لما كان أعداء الرسول يقولون  تربصوا{[529]} به ريب المنون . قال الله تعالى : هذا طريق مسلوك ، ومعبد منهوك ، فلم نجعل لبشر { مِنْ قَبْلِكَ ْ } يا محمد { الْخُلْدِ ْ } في الدنيا ، فإذا مت ، فسبيل أمثالك ، من الرسل والأنبياء ، والأولياء ، وغيرهم .

{ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ْ } أي : فهل إذا مت خلدوا بعدك ، فليهنهم الخلود إذًا إن كان ، وليس الأمر كذلك ، بل كل من عليها فان ، ولهذا قال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ْ }


[529]:- في النسختين: يقولون قل تربصوا.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

ثم بين - سبحانه - أن مصير البشر جميعا إلى الفناء ، وأن كل نفس ذائقة الموت ، وأن من طبيعة الإنسان تعجل الأمور قبل أوانها ، وأن المشركين لو علموا المصير السىء الذى ينتظرهم يوم القيامة ، لما قالوا ما قالوه من باطل ، ولما فعلوا ما فعلوه من قبائح ، قال - تعالى - : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ . . . } .

قال القرطبى : قوله - تعالى - : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد } أى دوام البقاء فى الدنيا .

نزلت حين قالوا : نتربص بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ريب المنون . وذلك أن المشركين كانوا يدفعون نبوته ويقولون : شاعر نتربص به ريب المنون ، ولعله يموت كما مات شاعر بنى فلان ، فقال الله - تعالى - : قد مات الأنبياء قبلك يا محمد ، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة ، فهكذا نحفظ دينك وشرعك . . .

والاستفهام فى قوله - سبحانه - : { أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون } للانكار والنفى . . .

والمعنى : وما جعلنا - أيها الرسول الكريم - لبشر من قبلك - كائنا من كان - الخلود فى هذه الحياة ، وأنت إن مت فهم - أيضا - سيموتون فى الوقت الذى حدده الله - تعالى - لانقضاء عمرك وأعمارهم ، وما دام الأمر كذلك فذرهم فى جهالتهم يعمهون ، ولا تلتفت إلى شماتتهم فيك ، أو إلى تربصهم بك ، فإنك ميت وإنهم ميتون ، وكل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ، ورحم الله الإمام الشافعى حيث يقول :

تمنى أناس أن أموت . - وإن أمت . . . فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذى يبغى خلاف الذى مضى . . . تهيأ لأخرى مثلها ، وكأن قد

وقال شاعر آخر :

إذا ما الدهر جر على أناس . . . كلاكِلُه أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا . . . سيلقى الشامتون كما لقينا

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

وفي نهاية الشوط يربط السياق بين نواميس الكون في خلقه وتكوينه وتصريفه ؛ ونواميس الحياة البشرية في طبيعتها ونهايتها ومصيرها :

( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد . أفإن مت فهم الخالدون ? كل نفس ذائقة الموت ، ونبلوكم بالشر والخير فتنة ، وإلينا ترجعون ) . .

وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد . فكل حادث فهو فان . وكل ما له بدء فله نهاية . وإذا كان الرسول [ ص ] يموت فهل هم يخلدون ? وإذا كانوا لا يخلدون فما لهم لا يعملون عمل أهل الموتى ? وما لهم لا يتبصرون ولا يتدبرون ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

يقول تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ } أي : يا محمد ، { الْخُلْدَ } أي : في الدنيا بل { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ } [ الرحمن : 26 ، 27 ] .

وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الخضر ، عليه السلام ، مات وليس بحي إلى الآن ؛ لأنه بشر ، سواء كان وليًا أو نبيًا أو رسولا وقد قال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ } .

وقوله : { أَفَإِنْ مِتَّ } أي : يا محمد ، { فَهُمُ الْخَالِدُونَ } ؟ ! أي : يؤملون أن يعيشوا بعدك ، لا يكون هذا ، بل كل إلى فناء ؛ ولهذا قال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مّتّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما خَلّدنا أحدا من بني آدم يا محمد قبلك في الدنيا فنخلدك فيها ، ولا بد لك من أن تموت كما مات من قبلك رُسُلُنا . أفإنْ مِتّ فَهُمُ الخالِدُونَ يقول : فهؤلاء المشركون بربهم هم الخالدون في الدنيا بعدك ؟ لا ، ما ذلك كذلك ، بل هم ميتون بكلّ حال عشت أو متّ فأدخلت الفاء في «إن » وهي جزاء ، وفي جوابه لأن الجزاء متصل بكلام قبله ، ودخلت أيضا في قوله «فهم » لأنه جواب للجزاء ، ولو لم يكن في قوله «فهم » الفاء جاز على وجهين : أحدهما : أن تكون محذوفة وهي مرادة ، والاَخر أن يكون مرادا تقديمها إلى الجزاء ، فكأنه قال : أفهم الخالدون إن متّ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

{ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } نزلت حين قالوا نتربص به ريب المنون وفي معناه قوله :

فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

والفاء لتعلق الشرط بما قبله والهمزة لإنكاره بعد ما تقرر ذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ} (34)

عُنيت الآيات من أول السورة باستقصاء مطاعن المشركين في القرآن ومن جاء به بقولهم { أفتأتون السحر وأنتم تُبصرون } [ الأنبياء : 3 ] ، وقولهم : { أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر } [ الأنبياء : 5 ] وكان من جملة أمانيهم لما أعياهم اختلاق المطاعن أن كانوا يتمنون موت محمد صلى الله عليه وسلم أو يرجونه أو يُدبرونه قال تعالى : { أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون } في سورة الطور ( 30 ) ، وقال تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك في } [ الأنفال : 30 ] .

وقد دلّ على أن هؤلاء هم المقصود من الآية قوله تعالى : { أفإن مت فهم الخالدون } فلما كان تمنيهم موته وتربصهم به ريبَ المنون يقتضي أن الذين تمنوا ذلك وتربصوا به كأنهم واثقون بأنهم يموتون بعده فتتمّ شماتتهم ، أو كأنهم لا يموتون أبداً فلا يشمت بهم أحد ، وجه إليهم استفهام الإنكار على طريقة التعريض بتنزيلهم منزلة من يزعم أنهم خالدون .

وفي الآية إيماء إلى أن الذين لم يقدر الله لهم الإسلام ممن قالوا ذلك القول سيموتون قبل موت النبي عليه الصلاة والسلام فلا يشمتون به فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أهلك الله رؤوس الذين عاندوه وهدى بقيتهم إلى الإسلام .

ففي قوله تعالى : { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد } طريقةُ القول بالموجَب ، أي أنك تموت كما قالوا ولكنهم لا يرون ذلك وهم بحال من يزعمون أنهم مخلدون فأيقنوا بأنهم يتربصون بك ريب المنون من فرط غرورهم ، فالتفريع كان على ما في الجملة الأولى من القول بالموجَب ، أي ما هم بخالدين حتى يُوقنوا أنهم يرون موتك . وفي الإنكار الذي هو في معنى النفي إنذارٌ لهم بأنهم لا يرى موتَه منهم أحد .