ثم أقسم بنفسه فقال : { فورب السماء والأرض إنه لحق } أي : ما ذكرت من أمر الرزق لحق ، { مثل } قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر وعاصم : ( مثل ) برفع اللام بدلاً من ( الحق ) وقرأ الآخرون بالنصب أي كمثل ، { ما أنكم تنطقون } فتقولون : لا إله إلا الله . وقيل : شبه تحقق ما أخبر عنه بتحقيق نطق الآدمي ، كما تقول : إنه لحق كما أنت هاهنا ، وإنه لحق كما أنك تتكلم ، والمعنى : أنه في صدقه ووجوده كالذي تعرفه ضرورة . قال بعض الحكماء : يعني : كما أن كل إنسان ينطق بلسان نفسه لا يمكنه أن ينطق بلسان غيره فكذلك كل إنسان يأكل رزق نفسه الذي قسم له ، ولا يقدر أن يأكل رزق غيره .
فلما بين الآيات ونبه عليها تنبيهًا ، ينتبه به الذكي اللبيب ، أقسم تعالى على أن وعده وجزاءه حق ، وشبه ذلك ، بأظهر الأشياء [ لنا ] وهو النطق ، فقال : { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } فكما لا تشكون في نطقكم ، فكذلك لا ينبغي الشك في البعث بعد الموت{[848]} .
ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بهذا القَسَم فقال : { فَوَرَبِّ السمآء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } .
والضمير فى قوله { إِنَّهُ } يعود إلى ما سبق الإخبار عنه من أمر البعث والحساب والجزاء والرزق . . . وغير ذلك مما يدل على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به عن ربه .
ولفظ " مثل " منصوب بنزع الخافض ، و " ما " مزيدة للتأكيد أى : فوحق رب السماء والأرض ، إن جميع ما ذكرناه لكم فى هذه السورة ، أو فى هذا القرآن ، حق ثابت لا مرية فيهن كمثل نطقكم الذى تنطقونه بألسنتكم دون أن تشكوا فى كونه قد صدر منكم لا عن غيركم .
فالمقصود بالآية الكريمة ، تأكيد صدق ما أخبر به الله - تعالى - عباده فى هذه السورة وغيرها ، لأن نطقهم بألسنتهم حقيقة لا يجادل فيها مجادل ، وكذلك ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عند ربه ، وما تلاه عليهم فى هذه السورة وغيرها ، حق ثابت لا ريب فيه .
وهكذا نرى هذه الآيات قد بشرت المتقين بألوان من البشارات ، ثم لفتت عقول الناس إلى ما فى الأرض وإلى ما فى أنفسهم وإلى ما فى السماء من عظات وعبر
وبعد هذه اللمسات الثلاث في الأرض والنفس والسماء . يقسم الله سبحانه بذاته العلية على صدق هذا الحديث كله :
( فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون . . )
وكونهم ينطقون ، حقيقة بين أيديهم ، لا يجادلون فيها ولا يمارون ، ولا يرتابون فيها ولا يخرصون . . وكذلك هذا الحديث كله . والله أصدق القائلين .
وقد روى الأصمعي نادرة ذكرها الزمخشري في الكشاف ، ونسوقها نحن لطرافتها - في تحفظ من جانب الرواية ! - قال :
[ أقبلت من جامع البصرة ، فطلع أعرابي على قعود له . فقال : ممن الرجل ? قلت : من بني أصمع . قال : من أين أقبلت ? قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن . فقال : اتل علي . فتلوت : ( والذاريات ) . . فلما بلغت قوله تعالى : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون )قال : حسبك ! فقام إلى ناقته فنحرها ووزعها على من أقبل وأدبر ؛ وعمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى ! فلما حججت مع الرشيد طفقت أطوف ؛ فإذا أنا بمن يهتف بي بصوت دقيق . فالتفت ، فإذا أنا بالأعرابي قد نحل واصفر . فسلم علي واستقرأ السورة . فلما بلغت الآية صاح وقال : قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، ثم قال : وهل غير هذا ? فقرأت : ( فورب السماء والأرض إنه لحق ) . . فصاح قال : يا سبحان الله . من الذي أغضب الجليل حتى حلف ? لم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين ! قالها ثلاثا وخرجت معها نفسه ] . .
وهي نادرة تصح أو لا تصح . ولكنها تذكرنا بجلال هذا القسم من الله سبحانه . القسم بذاته . بصفته : رب السماء والأرض . مما يزيد الحقيقة المقسم عليها جلالا . وهي حقيقة بلا قسم ولا يمين .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّكُمْ تَنطِقُونَ } .
يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه : فوربّ السماء والأرض ، إن الذي قلت لكم أيها الناس : إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ ، كما حقّ أنكم تنطقون . وقد :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن عوف ، عن الحسن ، في قوله : فَوَرَبّ السّماءِ والأرْضِ إنّهُ لَحَقّ مِثْلَ ما أنّكُمْ تَنْطِقُونَ قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه » وقال الفرّاء : للجمع بين «ما » و«إنّ » في هذا الموضع وجهان : أحدهما : أن يكون ذلك نظير جمع العرب بين الشيئين من الأسماء والأدوات ، كقول الشاعر في الأسماء :
مِنَ النّفَرِ اللاّئِي الّذِينَ إذَا هُمُ *** يَهابُ اللّئامُ حَلْقَةَ الباب قَعْقَعُوا
فجمع بين اللائي والذين ، وأحدهما مجزيء من الاَخر وكقول الاَخر في الأدوات :
ما إنْ رأيْتُ وَلا سَمِعْتُ بِهِ *** كالْيَوْمِ طالِيَ أَيْنُقٍ جُرْبِ
فجمع بين «ما » وبين «إن » ، وهما جحدان يجزيء أحدهما من الاَخر . وأما الاَخر : فهو لو أن ذلك أفرد بما ، لكان خبرا عن أنه حقّ لا كذب ، وليس ذلك المعنيّ به . وإنما أُريد به : إنه لحقّ كما حقّ أن الاَدميّ ناطق . ألا ترى أن قولك : أحقّ منطقك ، معناه : أحقّ هو أم كذب ، وأن قولك أحق أنك تنطق معناه للاستثبات لا لغيره ، فأدخلت «أن » ليفرّق بها بين المعنيين ، قال : فهذا أعجب الوجهين إليّ .
واختلفت القرّاء في قراءة قوله : مِثْلَ ما أنّكُمْ فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة مِثْلَ ما نصبا بمعنى : إنه لحقّ حقا يقينا كأنهم وجهوها إلى مذهب المصدر . وقد يجوز أن يكون نصبها من أجل أن العرب تنصبها إذا رفعت بها الاسم ، فتقول : مثل من عبد الله ، وعبد الله مثلك ، وأنت مثلُه ، ومثلَهُ رفعا ونصبا . وقد يجوز أن يكون نصبها على مذهب المصدر ، إنه لحقّ كنطقكم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ، وبعض أهل البصرة رفعا «مِثْلُ ما أنّكُمْ » على وجه النعت للحقّ .
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
ثم أقسم تعالى بنفسه على صحة هذا القول والخبر وشبهه في اليقين به بالنطق من الإنسان ، وهو عنده في غاية الوضوح ، ولا يمكن أن يقع فيه اللبس ما يقع في الرؤية والسمع ، بل النطق أشد تخلصاً من هذه واختلف القراء في قوله : { مثل ما } ، فقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر «مثلُ » بالرفع ، ورويت عن الحسن وابن أبي إسحاق والأعمش بخلاف عنهم .
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر وأهل المدينة وجل الناس : «مثلَ » بالنصب ، فوجه الأولى الرفع على النعت ، وجاز نعت النكرة بهذا الذي قد أضيف إلى المعرفة من حرث كان لفظ مثل شائعاً عاماً لوجوه كثيرة ، فهو لا تعرفه الإضافة إلى معرفة ، لأنك إذا قلت : رأيت مثل زيد فلم تعرف شيئاً ، لأن وجوه المماثلة كثيرة ، فلما بقي الشياع جرى عليه حكم النكرة فنعتت به النكرة . و { ما } زائدة تعطي تأكيداً ، وإضافة «مثل » هي إلى قوله : { إنكم } . ووجه قراءة النصب أحد ثلاثة وجوه : إما أن يكون مثل قد بني لما أضيف إلى غير متمكن وهو في موضع رفع على الصفة { لحق } ولحقه البناء ، لأن المضاف إليه قد يكسب المضاف بعض صفته كالتأنيث في قوله :
شرقت صدر القناة . . . {[10594]}
ونحوه ، وكالتعريف في غلام زيد إلى غير ذلك ، ويجري «مثلَ » حينئذ مجرى { عذاب يومئذ }{[10595]} [ المعارج : 11 ] على قراءة من فتح الميم ، ومنه قول الشاعر [ النابغة الذبياني ] : [ الطويل ]
على حين عاتبت المشيب على الصبا . . . {[10596]}
لم يمنع الشرب منها غير أن هتفت . . . {[10597]}
ف «غير » فاعلة ولكنه فتحها . والوجه الثاني وهو قول المازني إن «مثلَ » بني لكونه مع { ما } شيئاً واحداً ، وتجيء على هذا في مضمار ويحما وأينما ، ومنه قول حميد بن ثور : [ الطويل ]
ألا هيما مما لقيت وهيما . . . وويهاً لمن لم يدر ما هن ويحما{[10598]}
فلولا البناء وجب أن يكون منوناً ، وكذلك قول الشاعر [ حسان بن ثابت ] : [ الطويل ]
فأكرم بنا أماً وأكرم بنا ابنما . . . {[10599]}
والوجه الثالث : أن تنصب «مثل » على الحال من قوله : { لحق } وهي حال من نكرة وفيه خلاف لكن جوز ذلك الجرمي ، وأما غيره فيراه حالاً من الذكر{[10600]} المرفوع في قوله { لحق } لأن التقدير { لحق } هو ، وفي هذا نظر . والنطق في هذه الآية : الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني . وروي أن بعض الأعراب الفصحاء سمع هذه الآية فقال : من أحوج الكريم إلى أن يحلف ؟ والحكاية وقعت في كتاب الثعلبي وسبل الخيرات متممة عن الأصمعي ، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «قاتل الله قوماً أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه »{[10601]} وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو فر أحدكم من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت »{[10602]} وأحاديث الرزق والأشعار فيه كثيرة .
بعد أن أكد الكلام بالقسم ب { الذاريات } [ الذاريات : 1 ] وما عطف عليها فرع على ذلك زيادة تأكيد بالقسم بخالق السماء والأرض على أن ما يوعدون حق فهو عطف على الكلام السابق ومناسبته قوله : { وما توعدون } [ الذاريات : 22 ] .
وإظهار اسم السماء والأرض دون ذكر ضميرهما لإدخال المهابة في نفوس السامعين بعظمة الربّ سبحانه .
وضمير { إنه لحقّ } عائد إلى { ما توعدون } [ الذاريات : 22 ] . وهذا من ردّ العجز على المصدر لأنه رد على قوله أول السورة { إن ما توعدون لصادق } [ الذاريات : 5 ] وانتهى الغرض .
وقوله : { مثل ما أنكم تنطقون } زيادة تقرير لوقوع ما أوعدوه بأن شبه بشيء معلوم كالضرورة لا امتراء في وقوعه وهو كون المخاطبين ينطقون . وهذا نظير قولهم : كما أن قبلَ اليوم أمس ، أو كما أن بعد اليوم غداً . وهو من التمثيل بالأمور المحسوسة ، ومنه تمثيل سرعة الوصول لقرب المكان في قول زهير :
وقولهم : مثل ما أنك ها هنا ، وقولهم : كما أنك ترى وتسمع .
وقرأ الجمهور { مثلَ } بالنصب على أنه صفة حال محذوف قصد منه التأكيد . والتقدير : إنه لحق حقاً مثل ما أنكم تنطقون . وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف مرفوعاً على الصفة { لحق } صفة أريد بها التشبيه .
و { ما } الواقعة بعد { مثل } زائدة للتوكيد . وأردفت ب ( أنَّ ) المفيدة للتأكيد تقوية لتحقيق حقية ما يوعدون .
واجتلب المضارع في { تنطقون } دون أن يقال : نطقكم ، يفيد التشبيه بنطقهم المتجدد وهو أقوى في الوقوع لأنه محسوس .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم أقسم الرب تعالى بنفسه: {فورب السماء والأرض إنه لحق} يعني لكائن، يعني أمر الساعة {مثل ما أنكم تنطقون} يعني تتكلمون...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه: فوربّ السماء والأرض، إن الذي قلت لكم أيها الناس: إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ، كما حقّ أنكم تنطقون...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{فوَربّ السماء والأرض إنه لحقٌّ} يحتمل قوله {إنه لحق} أي الساعة والقيامة، ويحتمل {إنه لحق} أي جميع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم...
{مثل ما أنكم تنطِقون} يحتمل أن يقول، والله أعلم: كما أنكم لا تشُكّون في ما تنطقون، فعلى ذلك لا تشكّوا في أمر الساعة قيامها وكونها كما يقال: هذا ظاهر بيّن كالنار...
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :
"مثل ما أنكم تنطقون " وخص النطق من بين سائر الحواس؛ لأن ما سواه من الحواس يدخله التشبيه، كالذي يرى في المرآة، واستحالة الذوق عند غلبة الصفراء ونحوها، والدَّوِيُّ والطنين في الأذن، والنطق سالم من ذلك، ولا يعترض بالصدى لأنه لا يكون إلا بعد حصول الكلام من الناطق غير مشوب بما يشكل به...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{فورب} أي مبدع ومدبر {السماء والأرض} بما أودع فيهما مما علمتموه وما لم تعلموه {إنه} أي الذي توعدونه من الخير والشر والجنة والنار وتقدم الإقسام عليه أنه صادق {لحق} أي ثابت يطابقه الواقع فقد جمع الحق مع الصدق {مثل ما أنكم} أي وأنتم مساوون لبقية ما في الأرض من الجمادات وغيرها {تنطقون} نطقاً مجدداً في كل وقت مستمراً، ليس هو بخيال ولا سحر، أي أن ذلك لحق مثل ما أن هذا حق، فالذي جعل لكم قوة النطق من بين ما في الأرض بأسباب لا ترونها وتحصونها، ومع ما عداكم من ذلك بأسباب مثل ذلك- قادر على الإتيان بوعده من الرزق وغيره ما دمتم تحتاجون إلى ذلك...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وكونهم ينطقون، حقيقة بين أيديهم، لا يجادلون فيها ولا يمارون، ولا يرتابون فيها ولا يخرصون.. وكذلك هذا الحديث كله. والله أصدق القائلين...
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
(فوربّ السماء والأرض إنّه لحقّ مثل ما أنكم تنطقون). وقد بلغ الأمر حدّاً أن يقسم الله على ما لديه من عظمة وقدرة ليُطمئِنَ عباده الشاكّين ضعاف الأنفس الحريصين إنّ ما توعدون في مجال الرزق والثواب والعقاب والقيامة جميعه حقّ ولا ريب في كلّ ذلك...
والتعبير ب (مثل ما أنّكم تنطقون) تعبير لطيف ودقيق إذ يتحدّث عن أكثر الأشياء لمساً، لأنّه قد يخطئ الإنسان في الباصرة أو السمع بأن يتوهّم أنّه سمع أو رأى، إلاّ أنّه لا يمكن أن يتوهّم أنّه قال شيئاً مع أنّه لم يقله...
لذلك فإنّ القرآن يقول: كما أنّ ما تنطقون محسوس عندكم وله واقع، فإنّ الرزق والوعد الإلهي عنده كذلك! ثمّ بعد هذا كلّه فإنّ النطق بنفسه واحد من أكبر الأرزاق والمواهب الإلهيّة التي لم يتمتّع بها أي موجود حيّ سوى الإنسان، وليس بخاف أثر الكلام والنطق في الحياة الاجتماعية وتعليم الناس وتربيتهم وانتقال العلوم وحلّ مشاكل الحياة على أحد.