وقوله : { فَوَرَبِّ السَّماء وَالأَرْضِ } .
أقسم عز وجل بنفسه : أن الذي قلت لكم لَحق مثل ما أنكم تنطقون . وقد يقول القائل : كيف اجتمعت ما ، وأنّ وقد يكتفي بإحداهما من الأخرى ؟ وفيه وجهان : أحدهما : أن العرب تجمع بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما ، فمن الأَسماء قول الشاعر :
من النّفر اللائي الذين إذا همُ *** يَهاب اللئامُ حلقهَ البابِ قَعْقَعوا
فجمع بين اللائي والذين ، وأحدهما مجزئ من الآخر .
ما إِنْ رأيتُ ولا سمعت به *** كاليوم طالى أيْنُق جُرْب
فجمع بين ما ، وبين إن ، وهما جحدان أحدهما يجزى من الآخر .
وأما الوجه الآخر ، فإن المعنى لو أفرد بما لكان كأنّ المنطق في نفسه حق لا كذب : ولم يُرَد به ذلك . إنما أرادوا أنه لحق كما حقٌّ أن الآدمي ناطق .
ألا ترى أن قولك أحقٌّ منطقك معناه : أحقٌّ هو أم كذب ؟ وأن قولك : أحقٌّ أنك تنطق ؟ معناه : أللانسان النطق لا لغيره . فأدخلتَ أنَّ ليُفرَق بها بين المعنيين ، وهذا أعجب الوجهين إليَّ .
وقد رفع عاصم والأعمش ( مثلَ ) ونصبها أهل الحجاز والحسن ، فمن رفعها جعلها نعتا للحق ومن نصبها جعلها في مذهب المصدر كقولك : إنه لحق حقا . وإن العرب لتنصبها إذا رفع بها الاسم فيقولون : مثلَ من عبد الله ؟ ويقولون : عبد الله [ 185/ا ] مثلَك ، وأنت مثلَه . وعلة النصب فيها أن الكاف قد تكون داخلة عليها ؛ فتُنصب إذا ألقيت الكاف . فإن قال قائل : أفيجوز أن تقول : زيدٌ الأسدَ شدةً ، فتنصب الأسد إذا ألقيت الكاف ؟ قلت : لا ؛ وذلك أن مثلَ تؤدى عن الكاف ؛ والأسدُ لا يؤدى عنها ؛ ألا ترى قول الشاعر :
وزعتُ بكالهراوة أعوجِيٍّ *** إذا وَنتِ الرِّكاب جرى وثابا
أن الكاف قد أجزأت من مثل ، وأن العرب تجمع بينهما ؛ فيقولون : زيد كمثلك ، وقال الله جل وعز : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ، واجتماعهما دليل على أن معناهما واحد كما أخبرتك في ما وإن ولا وغيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.