لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ مِّثۡلَ مَآ أَنَّكُمۡ تَنطِقُونَ} (23)

قوله جلّ ذكره : { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } .

أي : إنَّ البعثَ والنشرَ لَحَقٌّ .

ويقال : إنَّ نصري لمحمدٍ ولديني ، وللذي أتاكم به من الأحكام - لحقٌّ مثل ما أنَّكم تنطقون .

كما يقال : هذا حقٌّ مثل ما أنك ها هنا .

ويقال : معناه : " إنَّ اللَّهَ رازقُكم " - هذا القولُ حقٌّ مثلما أنكم إذا سُئِلْتُم : مَنْ رَبُّكم ؟ ومَنْ خالقكم ؟ قلتم : الله . . . فكما أنكم تقولون : إن الله خالق - وهذا حقٌّ . . . كذلك القولُ بأَنَّ اللَّهَ رازقٌ - هو أيضاً حقٌّ .

ويقال : كما أنَّ نُطْقَكَ لا يتكلم به غيرُك فرزقُكَ لا يأَكلُه غيرك .

ويقال : الفائدة والإشارة في هذه الآية أنه حال برزقك على السماء ، ولا سبيلَ لك إلى العروج إلى السماء لتشتغلَ بما كلفك ولا تتعنَّى في طلب ما لا تصل إليه .

ويقال : في السماء رزقكم ، وإلى السماء يُرْفَعُ عَمَلُكُم . . . فإنْ أرَدْتَ أنْ ينزلَ عليكَ رزقُك فأَصْعِدْ إلى السماءِ عمَلَكَ - ولهذا قال : الصلاةُ قَرْعُ باب الرزق ، وقال تعالى :

{ وَأَْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْألُكَ رِزْقاً } [ طه : 132 ] .