ثم أقسم سبحانه بنفسه على صِحَّةِ هذا القول والخبر ، وشَبَّهَهُ في اليقين به بالنُّطْقِ من الإنسان ، وهو عنده في غاية الوضوح ، و«ما » زائدة تعطي تأكيداً ، والنطق في هذه الآية هو الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني ، ورُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الأعراب الفصحاء سَمِعَ هذه الآيةَ فقال : مَنْ أَحْوَجَ الكريمَ إلى أَنْ يحلف ؟ ! والحكاية بتمامها في كتاب الثعلبيِّ ، " وسبل الخيرات " ، ورُوِيَ أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " قَاتَلَ اللَّهُ قَوْماً ، أَقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ " ورَوَى أبو سعيد الخُدَرِيُّ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَوْ فَرَّ أَحَدُكُمْ مِنْ رِزْقِهِ لَتَبِعَهُ كَمَا يَتْبَعُهُ المَوْتُ " وأحاديث الرزق كثيرة ، ومن كتاب «القصد إلى اللَّه سبحانه » للْمُحَاسِبِيِّ : قال : قلتُ لشيخنا : من أين وقع الاضطرابُ في القلوب ، وقد جاءها الضمانُ من اللَّه عز وجل ؟ قال : من وجهين .
أحدهما : قِلَّةُ المعرفة بحُسْنِ الظَّنِ ، وإلقاءِ التُّهَمِ عن اللَّه عز وجل .
والوجه الثاني : أنْ يعارضها خوفُ الفَوْت ، فتستجيبَ النفسُ للداعي ، ويَضْعُفَ اليقينُ ، ويَعْدِمَ الصبرُ ، فيظهرَ الجَزَعُ .
قلتُ : شيءٌ غيرُ هذا ؟ قال : نعم ، إنَّ اللَّه عز وجل وَعَدَ الأرزاق ، وضَمِنَ ، وغَيَّبَ الأوقات ؛ ليختبرَ أهلَ العقول ، ولولا ذلك لكان كُلُّ المؤمنين راضين صابرين متوكِّلِين ، لكنَّ اللَّه عز وجل أعلمهم أَنَّهُ رازقهم ، وحَلَفَ لهم على ذلك ، وغَيَّبَ عنهم أوقاتَ العطاء ، فَمِنْ ها هنا عُرِفَ الخَاصّ من العامِّ ، وتفاوت العبادُ في الصبر ، والرضا ، واليقين ، والتوكل ، والسكون ، فمنهم كما علمتَ ساكنٌ ، ومنهم متحرك ، ومنهم راض ، ومنهم ساخط ، ومنهم جَزِعٌ ، فعلى قَدْرِ ما تفاوتوا في المعرفة تفاوتوا في اليقين ، وعلى قَدْرِ ما تفاوتوا في اليقين تفاوتوا في السكون والرضا والصبر والتوكل . اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.