القول في تأويل قوله تعالى : { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتّقُوهُ وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الّذِينَ فَرّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } .
يعني تعالى ذكره بقوله : مُنِيبِينَ إلَيْهِ تائبين راجعين إلى الله مقبلين ، كما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : مُنيبِينَ إليْهِ قال : المنيب إلى الله : المطيع لله ، الذي أناب إلى طاعة الله وأمره ، ورجع عن الأمور التي كان عليها قبل ذلك . كان القوم كفارا ، فنزعوا ورجعوا إلى الإسلام .
وتأويل الكلام : فأقم وجهك يا محمد للدين حنيفا منيبين إليه إلى الله فالمنيبون حال من الكاف التي في وجهك .
فإن قال قائل : وكيف يكون حالاً منها ، والكاف كناية عن واحد ، والمنيبون صفة لجماعة ؟ قيل : لأن الأمر من الكاف كناية اسمه من الله في هذا الموضع أمر منه له ولأمته ، فكأنه قيل له : فأقم وجهك أنت وأمتك للدين حنيفا لله ، منيبين إليه .
وقوله : وَاتّقُوهُ يقول جلّ ثناؤه : وخافوا الله وراقبوه أن تفرّطوا في طاعته ، وتركبوا معصيته . وَلا تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ يقول : ولا تكونوا من أهل الشرك بالله بتضييعكم فرائضه ، وركوبكم معاصيه ، وخلافكم الدين الذي دعاكم إليه .
وقوله { منيبين } يحتمل أن يكون حالاً من قوله { فطر الناس عليها } لا سيما على رأي من رأى أن ذلك خصوص في المؤمنين ، ويحتمل أن يكون حالاً من قوله { أقم وجهك } وجمعه لأن الخطاب بإقامة الوجه للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته ، نظيرها قوله
{ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء }{[9314]} [ الطلاق : 1 ] ، والمنيب الراجع المخلص المائل إلى جهة ما بوده ونفسه ، و «المشركون » المشار إليهم في هذه الآية هم اليهود والنصارى ، قاله قتادة وقال ابن زيد : هم اليهود ، وقالت عائشة وأبو هريرة : هي في أهل القبلة{[9315]} .
قال الفقيه الإمام القاضي : فلفظة الإشراك على هذا فيها تجوز فإنهم صاروا في دينهم فرقاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.