البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (31)

وإنما أضمرت على خطاب الجماعة لقوله : { منيبين إليه } ، ومنيبين حال من الضمير في الزموا .

وقوله : { وأقيموا } ، { ولا تكونوا } ، معطوف على هذا المضمر . انتهى .

وقيل : { فأقم وجهك } ، المراد به : فأقيموا وجوهكم ، وليس مخصوصاً بالرسول وحده ، وكأنه خطاب لمفرد أريد به الجمع ، أي : فأقم أيها المخاطب ، ثم جمع على المعنى ، لأنه لا يراد به مخاطب واحد .

فإذا كان هذا ، فقوله : { منيبين } ، { وأقيموا } ، { ولا تكونوا } ملحوظ فيه معنى الجمع .

{ منيبين } : حال من { الناس } ، ولا سيما إذا أريد بالناس : المؤمنون ، أو من الضمير في : الزموا فطرة الله ، وهو تقدير الزمخشري ، أو من الضمير في : { فأقم } ، إذ المقصود : الرسول وأمته ، وكأنه حذف معطوف ، أي فأقم وجهك وأمتك .

وكذا زعم الزجاج في : { يا أيها النبي إذا طلقتم } أي يا أيها النبي والناس ، ودل على ذلك مجيء الحال في { منيبين } جمعاً ، وفي { إذا طلقتم } جاء الخطاب فيه وفي ما بعده .

جمعاً ، أو على خبر كان مضمرة ، أي كونوا منيبين ، ويدل عليه قوله بعد { ولا تكونوا } ، وهذه احتمالات منقولة كلها .

{ من المشركين } : من اليهود والنصارى ، قاله قتادة .

وقال ابن زيد : هم اليهود ؛ وعن أبي هريرة وعائشة : أنهم أهل القبلة ، ولفظة الإشراك على هذا تجوز بأنهم صاروا في دينهم فرقاً .

والظاهر أن المشركين : كل من أشرك ، فيدخل فيهم أهل الكتاب وغيرهم .