تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (31)

الآية 31 وقوله تعالى : { منيبين إليه واتقوه } هو صلة قوله : { فأقم وجهك للدين حنيفا } { منيبين إليه } فهذا يدل على أن الخطاب بقوله : { فأقم وجهك } للكل حين( {[16023]} ) قال : { منيبين إليه } أي أقبلوا إليه ، وأنيبوا له .

ثم الإنابة تقع على ما يقع به الأمر ، لأنه يقول ، والله أعلم ، أنيبوا إلى الله بما يأمركم به ، واتقوه عما نهاكم عنه . والتقوى من الإنابة كهو من البر كقوله تعالى : { أن تبروا وتتقوا } [ البقرة : 244 } بما يأمركم به ، وتتقوه عما نهاكم عنه .

وقوله تعالى : { وأقيموا الصلاة } هو يحتمل وجوها :

[ أحدها ]( {[16024]} ) : { وأقيموا } أي الزموا ، وداوموا فعلها إلى آخر [ عمركم ]( {[16025]} ) ليس على أن يقع الأمر بها مرة واحدة .

والثاني : { وأقيموا الصلاة } أي أتموها بركوعها وسجودها والقراءة وغير ذلك .

والثالث : { وأقيموا الصلاة } أي أوفوا إقامتها بأسبابها التي جعلت لها .

وفي الصلاة أحوال ثلاث : أحدها : الجواز ، والثاني : التمام والكمال ، والثالث : التزيين والتحسين .

ثم الجواز بحق الأركان ، والتمام والكمال بحق الشعوب ، والتزيين والتحسين بحق الحواشي .

ويجب على كل مصل خصال [ ثلاث ]( {[16026]} ) : صدق النية ، وحق الإخلاص له ، والخشوع .

وقوله تعالى : { ولا تكونوا من المشركين } يحتمل أي لا تكونوا من المشركين غير الله في الصلاة والعبادة ، أي لا تصلوا لغير الله ، ولا تعبدوا من دونه { ولا تكونوا من المشركين } من دونه في تسمية الألوهية والربوبية( {[16027]} ) لأنهم كانوا يسمون الأصنام التي يعبدونها آلهة ، أو أن يكون صلة قوله : { منيبين إليه } موحدين مقبلين على طاعته مخلصين { ولا تكونوا من المشركين } له غيره .


[16023]:في الأصل وم: حيث.
[16024]:ساقطة من الأصل وم.
[16025]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: ما تنهون عنه.
[16026]:من م، ساقطة من الأصل.
[16027]:من م، في الأصل: والإلهية.