الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (31)

{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } ومنيبين : حال من الضمير في : الزموا . وقوله : ( واتقوه وَأَقِيمُواْ . . . وَلاَ تَكُونُواْ ) معطوف على هذا الضمير . والفطرة : الخلقة . ألا ترى إلى قوله : { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله } والمعنى : أنه خلقهم قابلين للتوحيد ودين الإسلام ، غير نائين عنه ولا منكرين له ، لكونه مجاوباً للعقل ، مساوقاً للنظر الصحيح ، حتى لو تركوا لما اختاروا عليه ديناً آخر ، ومن غوى منهم فبإغواء شياطين الإنس والجن . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيري " وقوله عليه السلام : " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوّدانه وينصرانه " ، { لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله } أي ما ينبغي أن تبدّل تلك الفطرة أو تغير .

فإن قلت : لم وحد الخطاب أوّلاً ، ثم جمع ؟ قلت : خوطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً ، وخطاب الرسول خطاب لأمته مع ما فيه من التعظيم للإمام ، ثم جمع بعد ذلك للبيان والتلخيص .