وقوله : { يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ } يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدّقوا الله ووحدوه ، اتقوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه .
وقوله : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يقول : ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال ، أمن الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه ؟ . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { اتّقُوا اللّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ } : ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد ، وغدٌ يوم القيامة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة { ما قَدّمتْ لِغَدٍ } يعني يوم القيامة .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { ما قَدّمتْ لِغَد } يعني يوم القيامة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وقرأ قول الله عزّ وجلّ : { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ لِغَدٍ }يعني يوم القيامة الخير والشرّ قال : والأمس في الدنيا ، وغدٌ في الاَخرة ، وقرأ : { كأنْ لَمْ تَغْنَ بالأمْسِ } قال : كأن لم تكن في الدنيا .
وقوله : { وَاتّقُوا الله }يقول : وخافوا الله بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه { إنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْلَمُونَ } يقول : إن الله ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرّها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيكم على جميعها .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد }ليوم القيامة سماه به لدنوه أو لأن الدنيا كيوم والآخرة كغده وتنكيره للتعظيم وأما تنكير النفس فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدمن للآخرة كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك ، { واتقوا الله } تكرير للتأكيد أو الأول في أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل والثاني في ترك المحارم لاقترانه بقوله{ إن الله خبير بما تعملون } وهو كالوعيد على المعاصي .
هذه آية وعظ وتذكير وتقريب للآخرة ، وتحذير ممن لا تخفى عليه خافية .
وقرأ جمهور الناس : «ولْتنظرْ » بسكون اللام وجزم الراء على الأمر ، وقرا يحيى بن الحارث وأبو حيوة وفرقة كذلك بالأمر إلا أنها كسرت اللام على أصل لام الأمر ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن فيما روي عنه : «ولتنظرَ » بنصب الراء على لام كي كأنه قال وأمرنا بالتقوى لتنظروا ، كأنه قال : { اتقوا الله } ولتكن تقواكم «لتنظرَ » ، وقوله تعالى : { لغد } يريد يوم القيامة ، قال قتادة : قرب الله القيامة حتى جعلها غداً ، وذلك أنها آتية لا محالة وكل آت قريب ، ويحتمل أن يريد بقوله { لغد } : ليوم الموت ، لأنه لكل إنسان كغده ومعنى الآية : ما قدمت من الأعمال ، فإذا نظرها الإنسان تزيد من الصالحات ، وكف عن السيئات ، وقال مجاهد وابن زيد : الأمس : الدنيا ، وغد : الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.