المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

59- قل - أيها الرسول - للكفار الذين أوتوا بعض متاع الدنيا : أخبروني عما منحكم الله من رزق حلال طيب ، فأقمتم من أنفسكم مشرِّعين ، تجعلون بعضه حلالا ، وبعضه حراماً ، دون أن تأخذوا بشرع الله ؟ إن الله لم يأذن لكم في هذا ، بل أنتم تكذبون في ذلك على الله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

قوله تعالى : { قل } يا محمد لكفار مكة ، { أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } ، عبر عن الخلق بالإنزال ، لأن ما في الأرض من خير ، فمما أنزل من السماء من رزق ، من زرع وضرع ، { فجعلتم منه حراما وحلالا } ، هو ما حرموا من الحرث ومن الأنعام كالبحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام . قال الضحاك : هو قوله تعالى : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً } [ الإنعام-136 ] .

قوله تعالى : { قل آلله أذن لكم } ، في هذا التحريم والتحليل ، { أم } بل ، { على الله تفترون } ، وهو قولهم : والله أمرنا بها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مّآ أَنزَلَ اللّهُ لَكُمْ مّن رّزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ ءَآللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : قُلْ يا محمد لهؤلاء المشركين : أرَأيْتُمْ أيها الناس ما أنْزَلَ الله لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ يقول : ما خلق الله لكم من الرزق فخوّلكموه ، وذلك ما تتغذّون به من الأطعمة فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاما وَحَلالاً يقول : فحللتم بعض ذلك لأنفسكم ، وحرّمتم بعضه عليها وذلك كتحريمهم ما كانوا يحرّمونه من حروثهم التي كانوا يجعلونها لأوثانهم ، كما وصفهم الله به فقال : وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ نَصِيبا فَقالُوا هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكائِنا . ومن الأنعام ما كانوا يحرّمونه بالتبحير والتسيبب ونحو ذلك ، مما قدمناه فيما مضى من كتابنا هذا . يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد آللّهُ أذِنَ لَكُمْ بأن تحرّموا ما حرّمتم منه أمْ على اللّهِ تَفْتَرونَ : أي تقولون الباطل وتكذبون ؟

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : إن أهل الجاهلية كانوا يحرّمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها ، وهو قول الله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاما وَحَلالاً وهو هذا ، فأنزل الله تعالى : قُلْ مَنْ حَرّم زِينَةَ اللّهِ التي أخْرَجَ لِعِبادِهِ . . . . الآية .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ . . . إلى قوله : أمْ على اللّهِ تَفْتَرُونَ قال : هم أهل الشرك .

حدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَا وَحَلالاً قال : الحرث والأنعام .

قال ابن جريج : قال مجاهد : البحائر والسيب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَا وَحَلالاً قال : في البحيرة والسائبة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَا وَحَلالاً . . . الآية ، يقول : كلّ رزق لم أحرّم حرّمتموه على أنفسكم من نسائكم وأموالكم وأولادكم آللّهُ أذِنَ لَكُمْ فيما حرّمتم من ذلك أَمْ عَلىَ الله تَفْتَرُونَ ؟

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَا وَحَلالاً . فقرأ حتى بلغ : أمْ على اللّهِ تَفْتَرُونَ . وقرأ وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرّمٌ على أزْوَاجِنا . وقرأ : وَقالُوا هَذِه أنْعامٌ وحَرْثُ حِجْرٌ . . . حتى بلغ : لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْها . فقال : هذا قوله : جعل لهم رزقا ، فجعلوا منه حراما وحلالاً ، وحرّموا بعضه وأحَلّوا بعضه . وقرأ : ثَمانِيَةَ أزْوَاج منَ الضّأْن اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذّكَرَيْنِ حَرّمَ أمِ الأُنْثَيَيْنِ أمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أرْحامُ الأُنْثَيَيْنِ أيّ هذين حرّم على هؤلاء الذين يقولون وأحلّ لهؤلاء ؟ نَبّئُونِي بِعِلْمٍ إنْ كُنْتُمْ صَادقِينَ أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ وَصّاكُمْ اللّهُ بِهَذَا . . . إلى آخر الاَيات .

حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : قُلْ أرأيْتُمْ ما أنْزَلَ اللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْق فجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامَا وَحَلالاً هو الذي قال الله : وَجَعَلُوا للّهِ مِمّا ذَرأَ مِنَ الحَرْثِ والأنْعامِ نَصِيبا . . . إلى قوله : ساءَ ما يَحْكمونَ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

{ قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } جعل الرزق منزلا لأنه مقدر في السماء محصل بأسباب منها ، وما في موضع النصب ب { أنزل } أو ب { أرأيتم } فإنه بمعنى أخبروني ، ولكم دل على أن المراد منه ما حل ولذلك وبخ على التبعيض فقال : { فجعلتم منه حراما وحلالا } مثل : { هذه أنعام وحرث حجر } [ وعند قوله تعالى ] { ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا } { قل ءآلله أذن لكم } في التحريم والتحليل فتقولون ذلك بحكمه . { أم على الله تفترون } في نسبة ذلك إليه ويجوز أن تكون المنفصلة متصلة ب { أرأيتم } وقل مكرر للتأكيد وأن يكون الاستفهام للإنكار ، و { أم } منقطعة ومعنى الهمزة فيها تقرير لافترائهم على الله .