فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

{ أَرَأَيْتُمْ } أخبروني . و { مَّاَ أَنزَلَ الله } «ما » في موضع النصب ، بأنزل ، أو بأرأيتم ، في معنى : أخبرونيه { فَجَعَلْتُمْ مّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً } أي أنزله الله رزقاً حلالاً كله فبعضتموه وقلتم : هذا حلال وهذا حرام ، كقولهم : { هذه أنعام وَحَرْثٌ حِجْرٌ } ، { مَا فِى بُطُونِ هذه الانعام خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ على أزواجنا } { الله أَذِنَ لَكُمْ } متعلق بأرأيتم . وقل : تكرير للتوكيد . والمعنى : أخبروني آلله أذن لكم في التحليل والتحريم فأنتم تفعلون ذلك بإذنه ، أم تتكذبون على الله في نسبة ذلك إليه . ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار ، وأم منقطعة بمعنى : بل أتفترون على الله ، تقريراً للافتراء . وكفى بهذه الآية زاجرة زجراً بليغاً عن التجوز فيما يسئل عنه من الأحكام . وباعثة على وجوب الاحتياط فيه ، وأن لا يقول أحد في شيء جائز أو غير جائز إلاّ بعد إيقان وإتقان ، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت ، وإلاّ فهو مفتر على الله .