غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقٖ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامٗا وَحَلَٰلٗا قُلۡ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ} (59)

42

ثم أشار إلى طريق ثالث في إثبات النبوة فقال : { قل أرأيتم } الآية . وتقريره أنكم تحكمون بحل بعض الأشياء وبحرمة بعضها فإن كان هذا لمجرد التشهي فذلك طريق باطل مهجور بالاتفاق لأدائه إلى التنازع والتشاجر واختلاف الآراء وافتراق الأهواء ، وإن كان لأنه حكم الله فيكم فبم عرفتم ذلك فإن كان بقول رسول أرسله إليكم فقد اعترفتم بصحة النبوة وإلا كان افتراء على الله . وفي الآية أيضاً إشارة إلى فساد طريقتهم في شرائعهم وأحكامهم من تحريم السوائب والبحائر وقولهم : { هذه أنعام وحرث حجر } [ الأنعام : 138 ] وغير ذلك . { وما أنزل } الجملة في محل الرفع بالابتداء وخبره { آلله أذن لكم } و{ قل } مكرر للتأكيد والرابط محذوف ، ومجموع المبتدأ والخبر متعلق ب { أرأيتم } والمعنى أخبروني الذي أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً الله أذن لكم في تحريمه وتحليله { أم على الله تفترون } وعن الزجاج أن «ما » في { ما أنزل } بمعنى الاستفهام منصوباً ب { أنزل } وأنه مع معموله مفعول { أرأيتم } معناه أخبرونيه . وعلى هذا يكون { قل آلله } كلاماً مستأنفاً . ومعنى أنزل خلق وأنشأ كقوله : { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } [ الزمر : 6 ] وذلك أن كل ما في الأرض من زرع أو ضرع فإنه بسبب الماء النازل من السماء . قال في الكشاف : ويجوز أن تكون الهمزة في { آلله } للإنكار و «أم » منقطعة بمعنى «بل » أتفترون على الله تقريراً للافتراء .

/خ60