المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

في السورة تسلية وتذكير للمؤمنين ، وتهديد ووعيد للمعاندين ، بدأت بقسمه تعالى بمظاهر قدرته على أن المتعرضين لإيذاء المؤمنين سيطردون من ساحة الرحمة كما طرد من سلك سبيلهم ممن سبقوهم من الأمم . وأخذت السورة تقص فعل الطغاة بالمؤمنين ، وأتبعت ذلك بوعد المؤمنين وتخويف الطاغين . وأن الحق في كل العصور معرض لمناوأة المناوئين ، وأن القرآن الذي هو دعامة الحق ، وإن كذب به القوم فهو في منأى عن الشك ، لأنه في لوح محفوظ عند الله .

1- أقسم بالسماء ذات المنازل التي تنزلها الكواكب أثناء سيرها{[229]} .


[229]:البروج هي: هذه المجموعات من مواقع النجوم التي تظهر على أشكال مختلفة في السماء مقسمة إلى اثني عشر قسما، تمر خلالها الأرض والكواكب في أثناء دورتها حول الشمس. ولما كان مستوى مدار القمر خلال دورته حول الأرض وهي التي تسمى بمنازل القمر، وهي أيضا مجموعة من النجوم على أشكال مختلفة فقد جمع الشاعر القديم أسماء هذه البروج الاثني عشر في هذين البيتين: حمل الثور جوزة السرطان ورعى الليث سنبل الميزان ورمى عقربا وقوسا بجدي ومن الدلو مشرب الحيتان
   
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة البروج

مقدمة وتمهيد

1- سورة " البروج " من السور المكية الخالصة ، وتسمى سورة " السماء ذات البروج " فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة ، بالسماء ذات البروج .

وعدد آياتها : اثنتان وعشرون آية . وكان نزولها بعد سورة " والشمس وضحاها " وقبل سورة " والتين والزيتون " .

2- والسورة الكريمة من أهم مقاصدها : تثبيت المؤمنين ، وتسليتهم عما أصابهم من أعدائهم ، عن طريق ذكر جانب مما تحمله المجاهدون من قبلهم ، فكأن الله –تعالى- يقول للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه : اصبروا كما صبر المؤمنون السابقون ، واثبتوا كما ثبتوا ، فإن العاقبة ستكون لكم .

كما أن السورة الكريمة ساقت الأدلة على وحدانية الله –تعالى- وقدرته ، ونفاذ أمره .

والبروج : جمع برج . وهي في اللغة : القصور العالية الشامخة . ويدل لذلك قوله - تعالى - { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } أى : ولو كنتم فى قصور عظيمة محصنة .

والمراد بها هنا : المنازل الخاصة بالكواكب السيارة ، ومداراتها الفلكية الهائلة ، وهى اثنا عشر منزلا : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدى ، والدول ، والحوت .

وسميت بالبروج ، لأنها بالنسبة لهذه الكواكب كالمنازل لساكنيها .

قال القرطبى : قوله : { والسمآء ذَاتِ البروج } : قسم أقسم الله - عز وجل - به . وفى البروج أربعة أقوال : أحدها : ذات النجوم . والثانى : ذات القصور . . الثالث : ذات الخَلْق الحسن . الرابع : ذات المنازل . . وهى اثنا عشر منزلا . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البروج مكية وآيها ثنتان وعشرون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم والسماء ذات البروج يعني البروج الاثني عشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارات وتكون فيها الثوابت أو منازل القمر أو عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها أو أبواب السماء فإن النوازل تخرج منها وأصل التركيب للظهور .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

وهي مكية بإجماع من المتأولين لا خلاف في ذلك .

اختلف الناس في { البروج } ، فقال الضحاك وقتادة : هي القصور ، ومنه قول الأخطل : [ البسيط ]

كأنها برج رومي يشيّده . . . بان بجص وآجر وأحجار{[11718]}

وقال ابن عباس : { البروج } : النجوم ، لأنها تتبرج بنورها ، والتبرج : التظاهر والتبدي ، وقال الجمهور وابن عباس أيضاً : { البروج } هي المنازل التي عرفتها العرب وهي اثنا عشر على ما قسمته العرب وهي التي تقطعها الشمس في سنة ، والقمر في ثمانية وعشرين يوماً ، وقال قتادة معناه : ذات الرمل ، والسماء يريد أنها مبنية في السماء ، وهذا قول ضعيف


[11718]:يصف الأخطل الناقة في هذا البيت ويشبهها في ضخامتها بالقصر الكبير المرتفع، وهذا التصوير تكرر كثيرا في كلام العرب. وشيد البناء، رفعه وعلاه، أو طلاه بالشيد، وهو كل ما طلي به البناء. والجص والآجر والحجارة : من مواد البناء، ويروى: "لزبجص" بدلا من "بان بجص".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

روى أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج . وهذا ظاهر في أنها تسمى { سورة السماء ذات البروج } لأنه لم يحك لفظ القرآن ، إذ لم يذكر الواو .

وأخرج أحمد أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ في العشاء بالسماوات ، أي السماء ذات البروج والسماء والطارق فمجمعهما جمع سماء وهذا يدل على أن اسم السورتين : سورة السماء ذات البروج ، سورة السماء والطارق .

وسميت في المصاحف وكتب السنة وكتب التفسير { سورة البروج } .

وهي مكية باتفاق .

ومعدودة السابعة والعشرين في تعداد نزول السور نزلت بعد سورة { والشمس وضحاها } وسورة { التين } .

وآيها اثنتان وعشرون آية .

من أغراض هذه السورة

ابتدئت أغراض هذه السورة بضرب المثل للذين فتنوا المسلمين بمكة بأنهم مثل قوم فتنوا فريقا ممن آمن بالله فجعلوا أخدودا من نار لتعذيبهم ليكون المثل تثبيتا للمسلمين وتصبيرا لهم على أذى المشركين وتذكيرهم بما جرى على سلفهم في الإيمان من شدة التعذيب الذي لم ينلهم مثله ولم يصدهم ذلك عن دينهم .

وإشعار المسلمين بأن قوة الله عظيمة فسيلقى المشركون جزاء صنيعهم ويلقى المسلمون النعيم الأبدي والنصر .

والتعريض للمسلمين بكرامتهم عند الله تعالى .

وضرب المثل بقوم فرعون وبثمود وكيف كانت عاقبة أمرهم ما كذب الرسل فحصلت العبرة للمشركين في فتنهم المسلمين وفي تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم والتنويه بشأن القرآن .

1

والبروج : تطلق على علامات من قبة الجَو يتراءى للناظر أن الشمس تكون في سمتها مدة شهر من أشهر السنة الشمسية ، فالبرج : اسم منقول من اسم البُرج بمعنى القصر لأن الشمس تنزله أو منقول من البرج بمعنى الحصن .

والبرج السماوي يتألف من مجمُوعة نجوم قريب بعضها من بعض لا تختلف أبعادها أبداً ، وإنما سُمِّي بُرجاً لأن المصطلحين تخيلوا أن الشمس تحلّ فيه مُدّة فهو كالبرج ، أي القصر ، أو الحصن ، ولما وجدوا كل مجموعة منها يُخَال منها شكلٌ لو أحيط بإطار لخط مفروض لأشبَهَ محيطُها محيط صورة تخيلية لبعض الذوات من حيوان أو نبات أو آلات ، ميّزوا بعض تلك البروج من بعض بإضافته إلى اسم ما تشبهه تلك الصورة تقريباً فقالوا : برج الثَّور ، برج الدلو ، برج السنبلة مثلاً .

وهذه البروج هي في التّحقيق : سُموت تقابلها الشمس في فلكها مدة شهر كامل من أشهُر السنة الشمسية يوقتون بها الأشهر والفصول بموقع الشمس نهاراً في المكان الذي تطلع فيه نجوم تلك البروج ليلاً ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { تبارك الذي جعل في السماء بروجاً } في سورة الفرقان ( 61 ) .