سورة البروج{[1]}
مقصودها الدلالة على القدرة على مقصود الانشقاق الذي هو صريح آخرها من تنعيم الولي وتعذيب الشقي{[2]} في الدنيا ممن لا يمكن في العادة أن يكون عذابه ذلك إلا من الله وحده تسلية لقلوب المؤمنين وتثبيتا{[3]} لهم على أذى الكافرين{[4]} ، وعلى ذلك دل اسمها البروج بتأمل القسم والمقسم عليه وما هدى ذلك السياق إليه{[5]} { بسم الله } الذي أحاط بكل شيء قدرة وعلما { الرحمن } الذي عم الخلائق عدلا وحلما { الرحيم* } الذي خص أولياءه بإتمام النعمة عليهم عينا كما أظهره رسما .
لما ختم تلك بثواب المؤمن وعقاب الكافر والاستهزاء به بعد أن ذكر أنه سبحانه أعلم بما يضمر الأعداء من المكر وما يرومون من الأنكاد للأولياء وتوعدهم بما لا يطيقون ، وكانوا قد عذبوا المؤمنين بأنواع العذاب واجتهدوا في فتنة من قدروا عليه منهم ، وبالغوا في التضييق عليهم حتى ألجؤوهم إلى شعب أبي طالب وغيره من البروج في البلاد ، ومفارقة الأهل والأولاد ، ابتدأ هذه بما أوقع{[72453]} بأهل الجبروت ممن تقدمهم على وجه معلم أن ذلك الإيقاع منه سبحانه قطعاً ، ومعلم أن الماضين تجاوزوا ما فعل هؤلاء إلى القذف في النار ، وأن أهل الإيمان ثبتوا ، وذلك لتسلية المؤمنين وتثبيتهم ، وتوعيد الكافرين وتوهيتهم وتفتيتهم ، فقال مقسماً لأجل إنكارهم وفعلهم{[72454]} في التمادي في عداوة حزب الله فعل المنكر أن الله ينتقم لهم{[72455]} بما يدل على تمام القدرة على القيامة : { والسماء } أي العالية غاية العلو المحكمة غاية الإحكام{[72456]} { ذات البروج * } أي المنازل{[72457]} للكواكب السيارة التي ركبها الله تعالى على أوضاع{[72458]} جعل في بعضها{[72459]} قوة التسبب للإبداء والإعادة بالإنبات{[72460]} وفي بعضها قوة التربية كذلك ، وفي الأخرى قوة الاستحصاد بأسباب خفية أقامها سبحانه لا ترونها ، غير أنكم لكثرة إلفكم لذلك صرتم تدركون منه بالتجارب أموراً تدلكم على تمام القدرة ، فنسبها بعضكم إلى الطبيعة لقصور النظر في أسباب الأسباب وكلال الفكر عن النفوذ إلى نهاية ما تصل إليه الألباب ، فاستبدل بالشكر الكفر ، واستدل بالآيات على ضد ما تدل{[72461]} عليه لجمود الذهن وانعكاس الفكر ، والمراد بها المنازل الاثنا عشر{[72462]} : الحمل - والثور - والجوزاء - والسرطان - والأسد - والسنبلة - والميزان - والعقرب - والقوس - والجدي - والدلو - والحوت - وهي التي تقطعها الشمس في السنة-{[72463]} ، أو هي الثمانية والعشرون التي يقطعها القمر في الشهر ، وهي{[72464]} منازل الشمس هذه الاثنا عشر{[72465]} بسير القمر في كل واحد منها يومين وثلثاً ، فذلك ثمانية وعشرون يوماً-{[72466]} ويستسر{[72467]} ليلتين ، فذلك شهر ، وهو إشارة إلى أن الذي فصل السماء هذا التفصيل وسخر فيها هذه الكواكب لمصالح الإنسان لا يتركه سدىً ، بل لا بد من دينونته على ما يفعله من خير وشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارة وتكون فيها الثوابت وعظام الكواكب ، سميت بروجاً لظهورها ، أو أبواب السماء فإن النوازل تخرج منها ، وأصل التركيب للظهور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.