فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة البروج

هي اثنتان وعشرون آية ، وهي مكية بلا خلاف ، وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت { والسماء ذات البروج } بمكة . وأخرج أحمد قال : حدثنا عبد الصمد حدثنا زريق بن أبي سلمى حدثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العشاء الآخرة بالسماء ذات البروج ، والسماء والطارق . وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي في سننه عن جابر بن سمرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق والسماء ذات البروج .

قوله : { والسماء ذَاتِ البروج } قد تقدّم الكلام في البروج عند تفسير قوله : { جَعَلَ فِي السماء بُرُوجاً } [ الفرقان : 61 ] قال الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك : هي النجوم ، والمعنى : والسماء ذات النجوم . وقال عكرمة ومجاهد أيضاً : هي قصور في السماء . وقال المنهال بن عمرو : ذات الخلق الحسن . وقال أبو عبيدة ويحيى بن سلام وغيرهما : هي المنازل للكواكب ، وهي اثنا عشر برجاً لاثني عشر كوكباً ، وهي : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت . والبروج في كلام العرب : القصور ، ومنه قوله : { وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [ النساء : 78 ] شبهت منازل هذه النجوم بالقصور لكونها تنزل فيها وقيل هي أبواب السماء . وقيل هي منازل القمر ، وأصل البرج الظهور ، سميت بذلك لظهورها .

/خ22