ثم وبخهم - سبحانه - على قولهم إن لله ولداً وشريكاً فقال : { مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ . . . } .
أى : لم يتخذ الله - تعالى - ولداً - كما يزعم هؤلاء الجاهلون ، لأنه - سبحانه - منزه عن ذلك . ولم يكن معه من إله يشاركه فى ألوهيته وربوبيته - عز وجل -ز
ولو كان الأمر كما يزعمون { لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ } واستقل به عن غيره . { وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ } أى : ولحدث بينهم التحارب والتغالب . . . ولفسد هذا الكون ، كما قال - تعالى - : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا . . . } { سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ } أى : تنزه الله - تعالى - وتقدس عما يصفه به هؤلاء الجاهلون . فهو - سبحانه - الواحد الأحد . الفرد الصمد ، الذى لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد .
ثم يفصل فيما هم كاذبون : ( ما اتخذ الله من ولد ، وما كان معه من إله ) . . ثم يأتي بالدليل الذي ينفي دعواهم ، ويصور ما في عقيدة الشرك من سخف واستحالة : إذا لذهب كل إله بما خلق مستقلا بما خلقه ، يصرفه حسب ناموس خاص ؛ فيصبح لكل جزء من الكون ، أو لكل فريق من المخلوقات ناموس خاص لا يلتقي فيه بناموس عام يصرف الجميع . ( ولعلا بعضهم على بعض )بغلبة سيطرته وتصريفه على الكون الذي لا يبقى ولا ينتظم إلا بناموس واحد ، وتصريف واحد ، وتدبير واحد .
وكل هذه الصور لا وجود لها في الكون ، الذي تشهد وحدة تكوينه بوحدة خالقه ، وتشهد وحدة ناموسه بوحدة مدبره . وكل جزء فيه وكل شيء يبدو متناسقا مع الأجزاء الأخرى بلا تصادم ولا تنازع ولا اضطراب . . ( سبحان الله عما يصفون ) . .
وقوله : ما اتّخَذَ اللّهُ منْ وَلَدٍ يقول تعالى ذكره : ما لله من ولد ، ولا كان معه في القديم ولا حين ابتدع الأشياء مَنْ تصلح عبادته ، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء مَنْ تصلح عبادته مِنْ إلهٍ إذا لَذَهَب يقول : إذن لاعتزل كلّ إله منهم بِما خَلَقَ من شيء ، فانفرد به ، ولتغالبوا ، فلَعَلا بعضهم على بعض ، وغلب القويّ منهم الضعيف لأن القويّ لا يرضى أن يعلُوَه ضعيف ، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها . فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها لمن عقل وتدبر وقوله : إذا لَذَهَبَ جواب لمحذوف ، وهو : لو كان معه إله إذن لذهب كل إله بما خلق اجتزىء بدلالة ما ذكر عليه عنه ، وقوله : سُبْحانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ يقول تعالى ذكره : تنزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له ولدا ، وعما قالوه من أن له شريكا ، أو أن معه في القدم إلها يُعبد ، تبارك وتعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.