{ ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم } بسبب ميثاقهم ليقبلوه . { وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا } على لسان موسى والطور مظل عليهم . { وقلنا لهم لا تعدوا في السبت } على لسان داود عليه الصلاة والسلام ، ويحتمل أن يراد على لسان موسى حين ظلل الجبل عليهم ، فإنه شرع السبت ولكن كان الاعتداء فيه والمسخ به في زمن داود عليه الصلاة والسلام ، وقرأ ورش عن نافع { لا تعدوا } على أن أصله لا تتعدوا فأدغمت التاء في الدال ، وقرأ قالون بإخفاء حركة العين وتشديد الدال والنص عنه بالإسكان . { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } على ذلك وهو قولهم سمعنا وأطعنا .
ذكر آيات أخرى أظهرها الله لهم وهي : رفع الطور ، والأمر بقتال أهل أريحا ، ودخولهم بابها سجّداً . والباب يحتمل أنّه باب مدينة أريحا ، ويحتمل أنّه باب الممرّ بين الجبال ونحوها ، كما سيأتي عند قوله تعالى : { قال رجلان من الذين يخافون } إلى قوله { ادخلوا عليهم الباب } في سورة العقود ( 23 ) ؛ وتحريم صيد البحر عليهم في السبت . وقد مضى الكلام عليها جميعاً في سورة البقرة .
وأخذ الميثاق عليهم : المراد به العهد ، ووصفُه بالغليظ . أي القويّ ، والغلظ من صفات الأجسام ، فاستعير لقوّة المعنى وكنّى به عن توثّق العهد لأنّ الغلظ يستلزم القوّة ، والمراد جنس الميثاق الصادق بالعهود الكثيرة التي أخذت عليهم ، وقد ذكر أكثرها في آي سورة البقرة ، والمقصود من هذا إظهار تأصّلهم في اللجاج والعناد ، من عهد أنبيائهم ، تسلية للنبيء على ما لقي منهم ، وتمهيداً لقوله : { فبما نقضهم ميثاقهم } [ النساء : 155 ] .
وقوله : { لا تعدوا } قرأه نافع في أصحّ الروايات ، وهي لورش عنه ولقالون في إحدى روايتيه عنه بفتح العين وتشديد الدال المضمومة أصله : لا تعْتدوا ، والاعتداء افتعال من العَدوْ ، يقال : اعتدى على فلان ، أي تجاوز حدّ الحقّ معه ، فلمّا كانت التاء قريبة من مخرج الدال ووقعت متحرّكة وقبلها ساكن ، تهيّأ إدغامها ، فنقلت حركتها إلى العين الساكنة قبلها ، وأدغمت في الدال إدغاماً لقصد التخفيف ، ولذلك جاز في كلام العرب إظهارها ؛ فقالوا : تَعْتَدوا وتَعَدّوا ، لأنَّها وقعت قبل الدال ، فكانت غير مجذوبة إلى مخرجه ، ولو وقعت بعد الدال لوجب إدغامها في نحو أدّان .
وقرأ الجمهور ، وقالون في إحدى روايتين عنه : « لا تَعْدوا » بسكون العين وتخفيف الدال مضارع مجزوم من العدو ، وهو العُدوان ، كقوله : { إذ يَعْدون في السبت } في سورة الأعراف ( 163 ) ؛ وفي إحدى روايتين عن قالون : باختلاس الفتحة ، وقرأه أبو جعفر : بسكون العين وتشديد الدال ، وهي رواية عن نافع أيضاً ، رواها ابن مجاهد . قال أبُو علي ، في : وكثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذ كان الثاني منهما مدغماً ولم يكن الأول منهما حرف لين ، نحو دابَّة ، يقولون : المدّ يصير عوضاً عن الحركة ، قال : وإذا جاز نحو دُوَيْبَّة مع نقصان المدّ الذي فيه لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو : تَعدُوا . لأنّ ما بين حرف اللين وغيره يَسير ، أي مع عدم تعذّر النطق به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.