فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَرَفَعۡنَا فَوۡقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَٰقِهِمۡ وَقُلۡنَا لَهُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُلۡنَا لَهُمۡ لَا تَعۡدُواْ فِي ٱلسَّبۡتِ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (154)

{ ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم } لما لم يوفوا بعهدهم ليعملن بالتوراة علق الله جانبا من جبل الطور فوق رءوسهم ليبقوا على خوف من وقوعه .

{ وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا } أمرناهم أن يدخلوا باب المدينة الموعودة ساجدين ، خضوعا لله تعالى .

{ وقلنا لهم لا تعدلوا في السبت } وعهدنا إليهم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها ، وأحل لهم ما وراء ذلك .

{ ميثاقا غليظا } عهدا مؤكدا مشددا .

{ ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم } لما لم يوفوا بعهدهم : ليعملن بالتوراة علق الله جانبا من جبل الطور فوق رءوسهم ، ليبقوا على خوف من وقوعه ، فيلتزموا العمل بما جاءهم في الوحي المنزل على نبيهم موسى عليه الصلاة والسلام ، وفي هذا جاء قول الحق سبحانه : ( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) ( {[1601]} ) ؛ كما جاء بيان عبادتهم العجل في الآيات من رقم 51 إلى 45من سورة البقرة ، وفي آيات من سورة الأعراف وسورة طه ؛ { وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا } أمرهم الله تقدست أسماؤه أن يدخلوا باب المدينة التي وعدوها ساجدين ، إقرارا بفضله سبحانه ، فدخلوا يزحفون ، تعظماُ أن يسجدوا وتأنفا ، { وقلنا لهم لا تعدوا في السبت } وأمرناهم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ، ولا يعرضوا لها ، وأحللنا لهم ما وراء ذلك ، فتعدوا أمرنا ، فأحللنا بهم بأسنا ؛ يقول مولانا العلي الكبير : ( واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون . وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون . فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون . فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ) ( {[1602]} ) ؛ { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } وأخذ الله تعالى عليهم عهدا مؤكدا مشددا أن ينهضوا بأمره وشرعه الذي أوحاه إليهم دون تفريط .


[1601]:سورة الأعراف. الآية 71.
[1602]:من سورة الأعراف. الآيات: من 163 إلى 166.