جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَرَفَعۡنَا فَوۡقَهُمُ ٱلطُّورَ بِمِيثَٰقِهِمۡ وَقُلۡنَا لَهُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُلۡنَا لَهُمۡ لَا تَعۡدُواْ فِي ٱلسَّبۡتِ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (154)

{ ورفعنا فوقهم الطور{[1160]} } عند امتناعهم قبول شريعة التوراة { بميثاقهم } بسبب ميثاقهم ليقبلوه { وقلنا } بلسان نبيهم { لهم ادخلوا الباب سُجّدا } متواضعين منحنين { وقلنا لهم لا تعدوا في السبت } لا تظلموا في اصطياد السمك فيه { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } على ذلك .


[1160]:والطور اسم الجبل الذي كلّم الله عليه موسى عليه السلام، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن موسى جاءهم بالألواح فرأوا ما فيها من آثار الشاقة فكبرت عليهم وأبوا قبولها فأمر جبريل بقلع الطور من أصله ورفعه فظلله فوقهم، وقال لهم: إن قبلتم وإلا ألقي عليكم حتى قبلوا لا يقال: إنه إلجاء فيمنع التكليف، لأنا نقول إنه إكراه، وهو معدم للرضاء لا للاختيار/12 كمالين قال ابن عطية: والذي لا يصح سواه أن الله سبحانه اخترع وقت سجودهم الإيمان لا أنهم آمنوا كرها وقلوبهم غير مطمئنة انتهى. وهذا تكلف ساقط حمله عليه المحافظة على ما قد ارتسم لديه من قواعد مذهبية قد سكن قلبه إليها كغيره وكل عاقل يعلم أنه لا سبب من أسباب الإكراه أقوى من هذا أو أشد منه، ونحن نقول: أكرههم الله على الإيمان فآمنوا مكرهين ورفع عنهم العذاب بهذا الإيمان، وهو نظير ما ثبت في شرعنا من رفع السيف عمن تكلم بكلمة الإسلام والسيف مصلت قد هزه حامله على رأسه، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قتل من تكلم بكلمة الإسلام معتذرا عن قتله بأنه قالها تقية ولم يكن عن قصد صحيح: (أأنت فتشت عن قلبه) وقال: (لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس). قال القفال: إنه ليس إجبارا على الإسلام، لأن الجبر ما سلب الاختيار بل كان إكراها وهو جائز ولا يسلب الاختيار كالمحاربة مع الكفار، فأما قوله: (لا إكراه في الدين) (البقرة: 256)، وقوله: (أفأنت تكره الناس) (يونس: 99)، فقد كان قبل الأمر بالقتال ثم نسخ ذكره الشهاب/12 فتح.