ولما بيَّن هذا من عظمته أتبعه أمراً{[23230]} آخر أعظم منه فقال : { ورفعنا } أي بعظمتنا ؛ ولما كان قد ملأ جهة الفوق{[23231]} بأن وارى{[23232]} جميع أبدانهم ولم يسلم{[23233]} أحد منهم من ذلك ؛ نزع الجار فقال : { فوقهم الطور } أي الجبل العظيم ، ثم ذكر سبب رفعه فقال : { بميثاقهم } أي حتى التزموه{[23234]} وأذعنوا له وقبلوه .
ولما ذكر الميثاق على هذا الوجه{[23235]} العجيب{[23236]} أتبعه{[23237]} ما نقضوا فيه على سهولته دليلاً على سوء طباعهم فقال : { وقلنا لهم } أي بما{[23238]} تكرر لهم{[23239]} من رؤية عظمتنا { ادخلوا الباب } أي الذي لبيت المقدس { سجداً } أي فنقضوا{[23240]} ذلك العهد الوثيق وبدلوا { وقلنا لهم } أي على لسان موسى عليه الصلاة والسلام في كثير من التوراة { لا تعدوا } أي لا{[23241]} تتجاوزوا{[23242]} ما حددناه لكم { في السبت } أي لا تعملوا فيه عملاً من الأعمال - تسمية للشيء باسم سببه سمي عدواً لأن العالم{[23243]} للشيء يكون لشدة إقباله عليه كأنه يعدو { وأخذنا منهم } أي في جميع ذلك { ميثاقاً غليظاً * } وإنما جزمت بأن المراد بهذا - والله تعالى أعلم - على لسان موسى عليه الصلاة والسلام ، لأنه تعالى كرر التأكيد عليهم في التوراة في حفظ السبت ، وأوصاهم به{[23244]} ، وعهد إليهم فيه ما قل{[23245]} أن عهده{[23246]} في شيء من الفروع غيره ، قال بعض المترجمين للتوراة في السفر الثاني في العشر الآيات{[23247]} التي أولها " أنا إلهك الذي أصعدتك من أرض مصر من العبودية والرق ، لا يكون لك{[23248]} إله{[23249]} غيري{[23250]} " ما{[23251]} نصه : اذكر حفظ يوم السبت وطهره ستة أيام ، كد فيها واصنع جميع ما ينبغي لك أن تصنعه ، واليوم السابع سبت{[23252]} الله ربك ، لا تعملن فيه{[23253]} شيئاً من الأعمال أنت وابنك{[23254]} وابنتك وعبدك وأمتك ودوابك والساكن في قراك ، لأن الرب خلق السماوات والأرض في ستة أيام والبحور وجميع ما فيها ، واستراح في اليوم السابع ، ولذلك بارك الله اليوم السابع وقدسه ، أكرم أباك - إلى آخر ما مر في سورة البقرة ؛ ثم عاد العشر الآيات في أوائل السفر{[23255]} الخامس وقال في السبت : احفظوا يوم السبت{[23256]} وظهوره كما أمركم الله ربكم ، واعملوا الأعمال في ستة أيام كما أمركم الله ربكم ، واعملوا الأعمال في ستة أيام ، فاصنعوا ما أردتم أن تصنعوا فيها ، فأما يوم السبت فأسبوع ربكم{[23257]} ، لا تعملوا فيه عملاً أنتم وبنوكم وعبيدكم{[23258]} وإماؤكم وثيرانكم وحميركم وكل بهائمكم والساكن الذي في قراكم ليستريح عبيدكم{[23259]} - إلى آخر ما في أوائل هذه السورة عند { ويهديكم سنن الذين من قبلكم } وقال في الثاني بعد ذلك : وقال الرب لموسى : {[23260]}وأنت{[23261]} فأمر بني إسرائيل أن تحفظوا{[23262]} السبوت ، لأنها أمارة العهد وعلامة فيما بيني وبينكم لأحقابكم ، فتعلموا أني أنا الرب إلهكم مقدسكم ، احفظوا يوم السبت فإنه مطهر مخصوص لكم ، ومن نقصه وأخذ العمل فيه فليقتل ، ومن عمل عملاً فليهلك ذلك الإنسان من شعبه ، اعملوا أعمالكم ستة أيام ، واليوم السابع فهو يوم سبت قدس للرب ، لأن الرب خلق السماوات والأرض في ستة أيام والبحور وما فيها ، وهذا في اليوم السابع {[23263]}ودفع إلى موسى عليه الصلاة والسلام لما فرغ كلامه له في طور سيناء لوحي{[23264]} الشهادة ، وأبلغ في تأكيد حفظه عليهم في غير ذلك من المواضع ، حتى أنه شرع لهم أسباب الأرض ونحوها ، فقال في السفر الثاني أيضاً : ازرع أرضك ست سنين ، واحمل أثقالها ، وفي السنة السابعة ابذرها{[23265]} ودعها فيأكل مسكين شعبك{[23266]} ، وما يبقى بعد ذلك يأكله حيوان البر ، وكذلك فافعل بكرومك{[23267]} وزيتونك ، اعمل عملك في ستة أيام وفي اليوم السابع تستريح لكي يستريح ثورك وحمارك ، وتستريح أمتك وابن أمتك والساكن في قراك ، ثم ذكر الأعياد في السفر الثالث ، وحرم العمل فيها ؛ وقال في بعضها : وكل نفس يعمل عملاً في هذا اليوم تهلك تلك{[23268]} النفس من شعبها ، فلا تعملوا فيه عملاً ، لأنه سنة جارية لكم إلى الأبد في جميع مساكنكم ، فليكن هذا اليوم سبت السبوت ؛ ثم أمرهم بعيد المظال{[23269]} سبعة أيام وقال : ليعلم أحقابكم أنني أجلست بني إسرائيل في المظال حيث أخرجتهم من أرض مصر ، ثم ذكر بعض القرابين وقال : ويصف{[23270]} هارون الخبز صفين في اليوم السادس وهو يوم الجمعة ، ويكون ذلك من عيد بني إسرائيل ؛ وكلم الرب موسى وقال له في طور سيناء كلم بني إسرائيل وقل لهم : إذا دخلتم الأرض التي أعطيكم ميراثاً تسبت{[23271]} الأرض سبتاً{[23272]} للرب ، ازرعوا مزارعكم ست
السبوت ، لأنها أمارة العهد وعلامة فيما بيني وبينكم لأحقابكم ، فتعلموا أني أنا الرب إلهكم مقدسكم ، احفظوا يوم السبت فإنه مطهر مخصوص لكم ، ومن نقصه وأخذ العمل فيه فليقتل ، ومن عمل عملاً فليهلك ذلك الإنسان من شعبه ، اعملوا أعمالكم ستة أيام ، واليوم السابع فهو يوم سبت قدس للرب ، لأن الرب خلق السماوات والأرض في ستة أيام والبحور وما فيها ، وهذا في اليوم السابع {[23273]}ودفع إلى موسى عليه الصلاة والسلام لما فرغ كلامه له في طور سيناء لوحي{[23274]} الشهادة ، وأبلغ في تأكيد حفظه عليهم في غير ذلك من المواضع ، حتى أنه شرع لهم أسباب الأرض ونحوها ، فقال في السفر الثاني أيضاً : ازرع أرضك ست سنين ، واحمل أثقالها ، وفي السنة السابعة ابذرها{[23275]} ودعها فيأكل مسكين شعبك{[23276]} ، وما يبقى بعد ذلك يأكله حيوان البر ، وكذلك فافعل بكرومك{[23277]} وزيتونك ، اعمل عملك في ستة أيام وفي اليوم السابع تستريح لكي يستريح ثورك وحمارك ، وتستريح أمتك وابن أمتك والساكن في قراك ، ثم ذكر الأعياد في السفر الثالث ، وحرم العمل فيها ؛ وقال في بعضها : وكل نفس يعمل عملاً في هذا اليوم تهلك تلك{[23278]} النفس من شعبها ، فلا تعملوا فيه عملاً ، لأنه سنة جارية لكم إلى الأبد في جميع مساكنكم ، فليكن هذا اليوم سبت السبوت ؛ ثم أمرهم بعيد المظال{[23279]} سبعة أيام وقال : ليعلم أحقابكم أنني أجلست بني إسرائيل في المظال حيث أخرجتهم من أرض مصر ، ثم ذكر بعض القرابين وقال : ويصف{[23280]} هارون الخبز صفين في اليوم السادس وهو يوم الجمعة ، ويكون ذلك من عيد بني إسرائيل ؛ وكلم الرب موسى وقال له في طور سيناء كلم بني إسرائيل وقل لهم : إذا دخلتم الأرض التي أعطيكم ميراثاً تسبت{[23281]} الأرض سبتاً{[23282]} للرب ، ازرعوا مزارعكم ست سنين واكسحوا كرومكم ست سنين ، واستغلوا غلاتكم{[23283]} ست سنين ، فأما السنة السابعة فلتكن {[23284]}سبت الراحة للأرض{[23285]} ، لا تزرعوا مزارعكم ، ولا تكسحوا كرومكم ، ول تحصدوا ما ينبت في أرضكم في تلك السنة من غير أن يزرع ، ولا تقطعوا عنب كرومكم ، بل يكون سبت الراحة للأرض لكم ولبنيكم ولإمائكم ولإخوانكم وللسكان الذين يسكنون معكم ، وأحصوا سبع مرات سبعاً سبعاً : تسعاً{[23286]} وأربعين سنة ، وقدسوا{[23287]} سنة خمسين ، وليكن رد الأشياء إلى أربابها ، ولا تزرعوا أرضكم في تلك السنة ، ولا تحصدوا ما نبت فيها ، ولا تقطعوا عشبها لأنها سنة الرد ، واتقوا الله لأني أنا الله ربكم ، احفظوا وصاياي واعملوا بها ، واحفظوا أحكامي واعملوا بها{[23288]} ، واسكنوا أرضكم بالسكون والطمأنينة لتغل لكم الأرض غلاتها ، وتأكلوا وتشبعوا وتسكنوها مطمئنين ، وإن قلتم : من أين نأكل في السنة السابعة التي لا نزرع فيها فلا تهتموا ! أنا منزل لكم بركاتي في السادسة ، وتغل{[23289]} لكم أرضكم في تلك السنة غلة ثلاث سنين ، حتى إذا زرعتم في السنة الثامنة لم تحتاجوا إلى غلتها ، لأنكم تأكلون من السنة السادسة إلى التاسعة ، وأما الأرض فلا تباع بيعاً صحيحاً أبداً ، لن الأرض لي ، وإنما أنتم سكان ، وحيث ما بيعت الأرض في ميراثكم فلتخلص{[23290]} وترد سنة الرد ؛ وترد سنة الرد ؛ وفيه مما لا يجوز إطلاقه في شرعنا نسبة الاستراحة إليه سبحانه ، هذا مع أنه أكد سبحانه العهود عليهم في التوحيد وحفظ الأحكام في جميع التوراة على نحو ما تراه فيما أنقله منها في هذا الكتاب .