{ إن الله وملائكته يصلون على النبي } يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه . { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه } اعتنوا انتم أيضا فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صل على محمد . { وسلموا تسليما } وقولوا السلام عليك أيها النبي وقيل وانقادوا لأوامره ، والآية تدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة ، وقيل تجب الصلاة كلما جرى ذكره لقوله عليه الصلاة والسلام " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي " وقوله " من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله " ، وتجوز الصلاة على غيره تبعا . وتكره استقلالا لأنه في العرف صار شعارا لذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك كره أن يقال محمد عز وجل وان كان عزيزا وجليلا .
هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام وذكر منزلته منه وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء في أمر أزواجه ونحو ذلك ، وقوله { يصلون } ، قالت فرقة الضمير فيه لله وللملائكة ، وهذا قول من الله تعالى شرف به ملائكته فلا يصحبه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب عند النبي صلى الله عليه وسلم : من أطاع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد ضل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «بئس الخطيب أنت »{[9571]} ، قالوا لأنه ليس لأحد من البشر أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير واحد ولله تعالى أن يفعل من ذلك ما شاء ، وقالت فرقة : في الكلام حذف تقديره إن الله يصلي على النبي وملائكته يصلون ، ودل الظاهر من القول على ما ترك ، وليس في الآية اجتماع في ضمير ، وقالت فرقة : بل جمع الله تعالى الملائكة مع نفسه في ضمير وذلك جائز للبشر فعله ، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم «بئس الخطيب أنت » لهذا المعنى وإنما قاله لأن الخطيب وقف على «ومن يعصهما » وسكت سكتة ، ومما يؤيد هذا أن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في مصنف أبي داود «ومن يعصهما » فجمع ذكر الله تعالى مع رسوله في ضمير ، ومما يؤيد القول الأول أن في كتاب مسلم «بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله » .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه وقال له «بئس الخطيب أنت » ( أصلح له بعد ذلك جميع كلامه لأن فصل ضمير اسم الله تعالى من ضمير غيره أولى لا محالة فقال له : «بئس الخطيب أنت » لموضع ) خطأه في الوقف وحمله على الأولى في فصل الضميرين . وإن كان جمعهما جائزاً جائزاً ، وقرأ الجمهور «وملائكتَه » بنصب التاء عطفاً على المكتوبة ، وقرأ ابن عباس «وملائكتُه » رفعا عطفاً على الموضع قبل دخول { إن } وفي هذا نظر{[9572]} ، وصلاة الله رحمة منه وبركة ، وصلاة الملائكة دعاء ، وصلاة المؤمنين دعاء وتعظيم ، والصلاة على رسول الله في كل حين من الواجبات وجوب السنن المؤكدة التي لا يسع تركها ولا يغفلها إلا من لا خير فيه ، وقال عليه السلام : «أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإنه يوم مشهود »{[9573]}
وصفتها ما ورد عنه عليه السلام في كتاب الطبري من طريق ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية قال له قوم من الصحابة : هذا السلام عليك يا رسول الله قد عرفناه فكيف نصلي عليك ؟ قال :
«قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى وآل إبراهيم وارحم محمداً وآل محمد كما رحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد » وفي بعض الروايات زيادة ونقص هذا معناه . {[9574]}
وقرأ الحسن «يا أيها الذين آمنوا فصلوا عليه » وهذه الفاء تقوي معنى الشرط أي صلى الله فصلوا أنتم ، كما تقول أعطيتك فخذ ، وفي حرف عبد الله «صلوا عليه كما صلى الله عليه وسلم وا تسليماً » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.