النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا} (56)

قوله عز وجل : { إنَّ اللَّهَ وَملاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن صلاة الله تعالى عليه ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء ، قاله أبو العالية .

الثاني : أن صلاة الله تعالى عليه المغفرة له ، وصلاة الملائكة الاستغفار له ، قاله سعيد بن جبير .

الثالث : أن صلاة الله تعالى عليه رحمته ، وصلاة الملائكة الدعاء له ؛ قاله الحسن ، وهو معنى قول عطاء بن أبي رباح .

الرابع : أن صلاتهم عليه أن يباركوا عليه ؟ قاله ابن عباس .

{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسْلِيماً } روى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى . قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك ؟ فقال : " قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صلَيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ . اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ{[2225]} " .

قال أبو العباس ثعلب : معنى قولنا اللهم صل على محمد أي زد محمداً بركة ورحمة ، ويجري فيه التأويلات المذكورة .

وقوله تعالى : { وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } يحتمل وجهين :

أحدهما : سلموا لأمره بالطاعة له تسليماً .

الثاني : وسلموا عليه بالدعاء له تسليماً أي سلاماً .

حكى مقاتل قال : لما نزلت هذه الآية قال المسلمون فما لنا يا رسول الله ؟ فنزلت { هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ } الآية .


[2225]:رواه الستة إلا ابن ماجه.