بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا} (56)

قوله عز وجل : { إِنَّ الله وملائكته يُصَلُّونَ عَلَى النبي } فالصلاة من الله الرحمة والمغفرة ، ومن الملائكة عليهم السلام الاستغفار . يعني : أن الله عز وجل يغفر للنبي ، ويأمر ملائكته بالاستغفار والصلاة عليه .

ثم أمر المسلمين بالصلاة عليه فقال : { يا أيها الذين آمنوا صَلُّواْ عَلَيْهِ } روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة أنه قال : قلنا يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال : «قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ » إلى آخِرِهِ . وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «صَلَّوا عَلَيَّ ، فإنَّ الصَّلاة عَلَيَّ زَكَاةٌ لَكُمْ وَاسْأَلُوا الله لِيَ الوَسِيلَةَ » . قالوا : وما الوسيلة يا رسول الله ؟ قال : «أعْلَى دَرَجَةٍ فِي الجَنَّةِ لا يَنَالُهَا إلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ » . وروى أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً ، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ » . ويقال : " ليس شيء من العبادات أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " ، لأن سائر العبادات أمر الله تعالى بها عباده . وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد صلى عليه أولاً هو بنفسه ، وأمر الملائكة بذلك ، ثم أمر العباد بذلك .

ثم قال : { وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً } يعني : اخضعوا له خضوعاً . ويقال : ائتمروا بما يأمركم الله تعالى . ويقال : لما نزلت هذه الآية ، قال المسلمون : هذا لك فما لنا فنزل : { هُوَ الذي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وملائكته } [ الأحزاب : 43 ] .