غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا} (56)

41

ثم كمل بيان حرمة النبي بأنه محترم في الملأ الأعلى فليكن واجب الاحترام في املأ الأدنى ، وقد مر معنى الصلاة في السورة . وإنما قال هناك { هو الذي يصلي عيكم وملائكته } وقال ههنا { إن الله وملائكته يصلون } ليلزم منه تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم : وذلك لأن إفراد الواحد بالذكر وعطف الغير عليه يوجب تفضيلاً للمذكور على المعطوف ، فكأنه سبحانه شرف الملائكة بضمهم مع نفسه بواسطة ضلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم . واستدل الشافعي : بقوله { صلوا عليه وسلموا } وظاهر الأمر للوجوب أن الصلاة في التشهد واجبة وكذا التسليم لأنه لا يجب بالاتفاق في غير الصلاة فيجب فيها . وذكر المصدر للتأكيد ليكمل السلام عليه وهو قول المصلي : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . ولم يؤكد الصلاة هذا التأكيد لأنها كانت مؤكدة بقوله { إن الله وملائكته يصلون } وسئل النبي كيف نصلي عليك يا رسول الله ؟ فقال : قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد . وعنه صلى الله عليه وسلم " من صلى عليّ مرة صلى الله عليه عشراً " ومن العلماء من أوجب الصلاة كلما جرى ذكره لما روي في الحديث " من ذكرت عنده فلم يصل عليّ فدخل النار فأبعده الله " ومنهم من أوجبها في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره كما قيل في آية السجدة وتشميت العاطس ، وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره . ومنهم من أوجبها في العمر مرة ، وكذا قال في إظهار الشهادتين . والأحوط هو الأول وهو الصلاة عليه عند كل ذكر ، وأما الصلاة على غيره فقد مر الخلاف فيها في سورة التوبة في قوله { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } [ الآية : 103 ] .

/خ73