قوله : { إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي } العامة على نصب «الملائكة » نَسَقاً على اسم «إن » و «يُصَلُّونَ » هل هو خبر عن «اللَّه وملائكته » أو عن «الملائكة » فقط ، وخبر الجلالة محذوف لتغاير الصلاتين خلاف{[43904]} . وقرأ ابن عباس وُرَويت{[43905]} عن أبي عمرو : وَمَلاَئِكَتُهُ رفعاً{[43906]} فيحتمل أنْ يكون عطفاً على محل اسم «إِنَّ » عند بعضهم{[43907]} ، وأن يكون مبتدأ والخبر محذوف وهو مذهب البصريين{[43908]} ، وقد تقدم فيه بحث نحو : زَيْدٌ ضَارِبٌ وعَمْرٌو أي ضَارِبٌ فِي الأَرْضِ .
لما أمر{[43909]} بالاستئذان وعدم النظر إلى نسائه احتراماً له كمل بيان حرمته وذلك أن حالاته منحصرة في حالتين حالة خلوة فذكر ما يدل على احترامه في تلك الحالة بقوله : { لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ } وحالة بكونه في ملأ والملأ إما الملأ الأعلى وإما الملأ الأدنى أما احترامه في الملأ الأعلى فإن الله وملائكته يصلون عليه ، وأما احترامه في الملأ الأدنى فقوله : { يا أيها الذين آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } .
قال ابن عباس : أراد أنّ الله يرحم النبي والملائكة يدعون له ، وعن ابن عباس أيضاً : يصلون يزكون ، وقيل : الصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار{[43910]} . وقال أبو العالية : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء{[43911]} ، روى عبد الرحمن بنُ أَبي لَيْلَى قال : «لَقِيَنِي كعْب بن عُجْرَةَ فقال : ألا أُهْدِي لك هديّة سمعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت بلى فأهدها إليَّ قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم فكيف نصلي عليك ؟ قال : «قولوا اللَّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبْرَاهيم إنك حميد مجيد »{[43912]} وروى أبو حُمَيْد السَّاعِدِيّ «أنهم قالوا يا رسول الله : كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولوا : اللَّهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد »{[43913]} وروى ابن مسعود قال : «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً »{[43914]} . وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدةً صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْراً »{[43915]} ، وروى عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنه جاء ذات يوم والبِشْرُ في وجهه فقال : «إِنِّي جَاءَنِي جبريلُ فقال : أَمَا يُرْضِيكَ يا محمد أن لا يُصَلِّي عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلاَّ صَلَّيْتُ عَلَيْهِ عَشْراً وَلاَ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ إِلاَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ عَشْراً »{[43916]} وروى عامر بن ربيعة{[43917]} «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّت المَلاَئِكَةُ عَلَيْهِ مَا صَلَّى عَلَيَّ فليقلّ العَبْدُ مِنْ ذَلِكَ أوْ لِيُكْثِرُ »{[43918]} وروى عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنَّ لِلَّه مَلاَئِكَةً سَيَّاحِينَ في الأَرْضِ يُبَلِّغُونَ عَنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ »{[43919]} .
دلت الآية على وجوب{[43920]} الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الأمر للوجوب ولا تجب في غير التشهد فتجب في التشهد وكذلك قوله : «وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » أمر فيجب السلام ولم يجب في غير الصلاة فيجب فيها وهو قولنا في التشهد : السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ، وذكر في السلام المصدر للتأكيد ، ولم يُؤكد الصلاة لأنها كانت مؤكدة بقوله : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } .
فإن قيل : إذا صلى الله وملائكته عليه فأي حاجة به إلى صلاتنا ؟ .
فالجواب : أن الصلاة عليه ليس لحاجة{[43921]} إليها وإلا فلا حاجة إلى صلاة الملائكة مع صلاة الله عليه ، وإنما هو إظهاره وتعظيمه ( كما أن الله تعالى ){[43922]} وجب علينا ذكر نفسه ولا حاجة له إليه وإنما هو لإظهاره وتعظيمه منا شفقة علينا ليثيبنا عليه ولهذا قال عليه ( الصلاة{[43923]} و ) السلام : «ومن صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.