المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

2 - قال نوح : يا قوم إني لكم نذير مُبَيِّن رسالة ربكم بلغة تعرفونها ، أن أطيعوا الله واخضعوا له في أداء الواجبات ، وخافوه بترك المحظورات ، وأطيعوني فيما أنصح لكم به ، يغفر الله لكم ذنوبكم ويُمد في أعماركم إلى أجل مسمى جعله غاية الطول في العمر ، إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبداً ، لو كنتم تعلمون ما يحل بكم من الندامة عند انقضاء أجلكم لآمنتم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

يغفر لكم من ذنوبكم يغفر لكم بعض ذنوبكم وهو ما سبق فإن الإسلام يجبه فلا يؤاخذكم به في الآخرة ويؤخركم إلى أجل مسمى هو أقصى ما قدر لكم بشرط الإيمان والطاعة إن أجل الله إن الأجل الذي قدره إذا جاء على الوجه المقدر به آجلا وقيل إذا جاء الأجل الأطول لا يؤخر فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير لو كنتم تعلمون لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك وفيه أنهم لانهماكهم في حب الحياة كأنهم شاكون في الموت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (4)

و { يغفر } جواب الأمر وقوله تعالى : { من ذنوبكم } قال قوم { من } زائدة ، وهذا نحو كوفي ، وأما الخليل وسيبويه فلا يجوز عندهم زيادتها في الواجب ، وقال قوم : هي لبيان الجنس ، وهذا ضعيف لأنه ليس هنا جنس يبين ، وقال آخرون هي بمعنى «عن » . وهذا غير معروف في أحكام «من » ، وقال آخرون : هي لابتداء الغاية وهذا قول يتجه كأنه يقول يبتدئ الغفران من هذه الذنوب العظام التي لهم . وقال آخرون : هي للتبعيض ، وهذا عندي أبين الأقوال ، وذلك أنه لو قال : «يغفر لكم ذنوبكم » لعم هذا اللفظ ما تقدم من الذنوب وما تأخر عن إيمانهم ، والإسلام إنما يجبُّ ما قبله ، فهي بعض من ذنوبهم ، فالمعنى يغفر لكم ذنوبكم ، وقال بعض المفسرين : أراد { يغفر لكم من ذنوبكم } المهم الموبق الكبير لأنه أهم عليهم ، وبه ربما كان اليأس عن الله قد وقع لهم وهذا قول مضمنه أن { من } للتبعيض والله تعالى الموفق . وقرأ أبو عمرو : { يغفر لكم } بالإدغام ، ولا يجيز ذلك الخليل وسيبويه ، لأن الراء حرف مكرر ، فإذا أدغم في اللام ذهب التكرير واختل المسموع . وقوله تعالى : { ويؤخركم إلى أجل مسمى } مما تعلق المعتزلة به في قولهم : إن للإنسان أجلين ، وذلك أنهم قالوا : لو كان واحداً محدوداً لما صح التأخير ، إن كان الحد قد بلغ ولا المعاجلة إن كان الحد لم يبلغ .

قال القاضي أبو محمد : وليس لهم في الآية تعلق ، لأن المعنى أن نوحاً عليه السلام ، لم يعلم هل هم ممن يؤخر أو ممن يعاجل ؟ ولا قال لهم : إنكم تؤخرون عن أجل قد حان لكم ، لكن قد سبق في الأزل أنهم إما ممن قضى لهم بالإيمان والتأخير وإما ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة ، فكأن نوحاً عليه السلام قال لهم : آمنوا يبين لكم أنكم ممن قضي لهم بالإيمان والتأخير ، وإن بقيتم فسيبين لكم أنكم ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة ثم تشدد هذا المعنى ولاح بقوله : { إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر } . وقد حكى مكي القول بالأجلين ولم يقدره قدره ، وجواب { لم } ، مقدر يقتضيه اللفظ كأنه قال : فما كان أحزمكم أو أسرعكم إلى التوبة { لو كنتم تعلمون } .