38- يقول الله يوم القيامة لهؤلاء الكافرين : ادخلوا النار في ضمن أمم من كفار الإنس والجن ، قد مضت من قبلكم ، كلما دخلت أمة النار لعنت الأمة التي كفرت مثلها والتي اتخذتها قدوة ، حتى إذا تتابعوا فيها مجتمعين قال التابعون يذمُّون المتبوعين : ربنا هؤلاء أضلونا بتقليدنا لهم ، بحكم تقدمهم علينا أو بحكم سلطانهم فينا ، فصرفونا عن طريق الحق ، فعاقبهم عقاباً مضاعفاً يحملون فيه جزاء عصيانهم وعصياننا ، فيرد الله عليهم : لكل منكم عذاب مضاعف لا ينجو منه أحد من الفريقين ، يضاعف عقاب التابعين لكفرهم وضلالهم ، ولاقتدائهم بغيرهم دون تدبر وتفكر ، ويضاعف عقاب المتبوعين لكفرهم وضلالهم وتكفيرهم غيرهم وإضلالهم ، ولكن لا تعلمون مدى ما لكل منكم من العذاب .
يقول تعالى مخبرًا عما يقوله لهؤلاء المشركين به ، المفترين عليه المكذبين بآياته : { ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ } أي : من أشكالكم وعلى صفاتكم ، { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ } أي : من الأمم السالفة الكافرة ، { مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ فِي النَّارِ } يحتمل أن يكون بدلا من قوله : { فِي أُمَمٍ } ويحتمل أن يكون { فِي أُمَمٍ } أي : مع أمم .
وقوله : { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا } كما قال الخليل ، عليه السلام : { ثُمّ{[11711]} َ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ [ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ] }{[11712]} الآية [ العنكبوت : 25 ] . وقوله تعالى : { إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } [ البقرة : 166 ، 167 ] .
وقوله [ تعالى ]{[11713]} { حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا } أي : اجتمعوا فيها كلهم ، { قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهُمْ } أي : أخراهم دخولا - وهم الأتباع - لأولاهم - وهم المتبوعون - لأنهم أشد جرمًا من أتباعهم ، فدخلوا قبلهم ، فيشكوهم{[11714]} الأتباع إلى الله يوم القيامة ؛ لأنهم هم الذين أضلوهم عن سواء السبيل ، فيقولون : { رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ } أي : أضعف عليهم العقوبة ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ [ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا{[11715]} ] } [ الأحزاب : 66 - 68 ]
وقوله : { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } أي : قد فعلنا ذلك وجازينا كلا بحسبه ، كما قال تعالى : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا [ فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ{[11716]} ] } [ النحل : 88 ] وقال تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ{[11717]} ] } [ العنكبوت : 13 ] وقال : { وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ{[11718]} ] } [ النحل : 25 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.